أبي حنيفة ثمانيةَ أرطال، وما خرج عن الفرق لم يعمر إلا بنص.
فإن قيل: فقد قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإطعام في فديةَ الأذى بمدين لكل مكين فلما لا جعلتموه أملًا في كفارةً اليمين وقدرتموه بمدين لكل مسكين قيل: لأمرين:
أحدهما: أنه لما قدر في كفارة الواطئ بمد وفي كفارةَ الأذى بمدين، وترددت كفارةُ اليمين بين أصلتن وجب أن يعبر الأقل لأنه تعين.
والثاني: أنه لما خففت فديةَ الأذى بالتخيير بين الصيام والإطعام تغلظت بمقدار الطعام، ولما غلظت كفارةَ الأيمان بترتيب الإطعام، على الصيام تخففت بمقدار الإطعام تعديلا بينهما في أن تتغلظ كل واحدةً من وجه وتتخفف من وجه.
مسألة:
قال الشافعي: "ولا أرى أن يجزئ دراهم وان كانت أكثر من قيمة الإمداد".
قال في الحاوي: لا يجوز أن يخرج في الكفارةَ قيمةُ الطعام، كما لا يحق أن يخرج في الزكاةَ قيمتها، وجوز أبو حنيفةَ إخراج القيمةَ في الزكاةً والكفارةَ وقد مضى الكلام معه.
فأما ما نقله المزني ها هنا: " ولا يجزئ طعام" فلم يرد به طعام البر في إطعام المساكين، لأنه هو الأصل الأغلب فيما يستحق، وله أحد تأويلين، إما أن يكون محمولًا على أن لا يخرج الطعام في قيمةَ الكسوةً، كما لا يخرج الكسوةً في قيمةَ الطعام، وإما أن يكون محمولًا على الطعام المطبوخ من الخبز لآن المستحق عند الشافعي إخراج الحب من البر جميع الحبوب دون الخبز وإن كنت أفتي بإخراج الخبز في الكفارة اعتبارًا بالأرفق الأنفع في الغالب، وأن يعطى كل مسكين رطلين من الخبز، وحكي ابن أبي هريرةَ عن أبي القاسم احسبه أراد الأنماطي، أنه جوز إخراج الدقيق في الكفارةَ وزكاةَ الفطر اعتبارًا بالأرفق.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وما اقتات أهل البلدان من شيء أجزأهم من مد".
قال في الحاوي: وهذا صحيح وهو مقصور على الحبوب المقتاةَ، فكما جاز إخراجه في زكاةَ الفطر جاز إخراجه في الكفارات، ثم فيه قولان:
أحدهما: أنه مخير بين جميع الأقوات، فمن أيهما شاء أطعم.
والثاني: أته يخرج من الغالب من الأقوات وفي اعتبار الغالب وجهان:
أحدهما: من غالب قوت بلده.