والثاني: من غالب قوته في نفسه، لقول الله تعالى: "مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ " المائدة: (89) وإن عدل عن غالب القوت إلى غيره لم يخل ما عدل إليه عن الأغلب من أن يكون أدون منه أو أعلى، فإن كان دون منه لم نجزه، وإن كان أرفع منه كإخراج البر إذا كان أغلب قوته شعيرًا ففي جوازه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروري يجوز لفضله.
والثاني: لا يجوز لأنه يصير بالعدول إليه كالقيمة.
مسألة:
قال الشافعي: "ويجزئ أهل البادية مد أقط قال المزني رحمه الله أجاز الأقط هَهُنا ولم يجزه في الفطرة".
قال في الحاوي: أما إذا اقتات أهل البادية غير الأقط لم يكن لهم إخراج الأقط في الكفارةً ولا في زكاةَ الفطر، وإن لم يكن لهم قوت غير الأقط فقد روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كنا نخرج إذ فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من أقط، فإن صح هذا أنه كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بعلمه وإقراره عليه جاز إخراج الأقط في زكاةً الفطر والكفارات، وإن لم يمح أنه كان بأمره أو بعلمه، ففي جواز إخراجه في زكاةَ الفطرةً والكفارات قولان:
أحدهما: يجوز على ما نص عليه ها هنا في الكفارةً لأنه قوت مدخر تحت الزكاةً في أصله.
والثاني: لا يجوز على ما نص عليه في زكاةَ الفطر، لأنه مما لا تجب فيه الزكاةً فلم يجز إخراجه قي الكفارةً الزكاةً، وقد جعل أبو علي بن أبي هريرةً هذين القولين بناء على اختلاف قول الشافعي في قول الصحابي إذا لم يعضده قياس، هل يؤخذ بقول الصحابي أو يعدل إلى القياس، فعلى قوله في القديم يؤخذ بقول الصحابي فعلى هذا يجوز إخراج الأقط في الكفارةً، وزكاة الفطر، أخذًا بقول أبي سعيد الخدري، وعلى قوله في الجديد يعدل عنه إلى القياس فعلى هذا لا يجوز إخراج الأقط.
مسألة:
قال الشافعي: "وَإذاً لَمْ يَكِنْ لِأَهِلُ بِلادَ قُوتِ مِنْ طعامِ سِوَى اللُّحَمِ أَدَّوْا مَدَّا مِمَّا يَقْتَاتُ أَقُرْبَ الْبُلْدانِ إِلَيهُمْ ".
قال في الحاوي: إذا اقتات قوم ما لا يزكى من الأقوات، مثل أن يقتاتوا اللحم كالترك، أو اللبن كالأعراب، أو المسك كسكان البحار، فإن قيل: إن إخراج الأقط لا