مسألة:
قَالَ الشّافِعِيُّ:" وَإِنَّ حِلْفً أَنَّ لَا يَاكُلْ طَعَامًا اِشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَاِشْتَرَاهُ فُلَانٌ وَآخِرَ مَعَه طَعَامًا وَلَا نِيَّةً لَهُ فَأُكْلً مِنْه لَمْ يَحْنَثْ".
قال في الحاوي: وهو كما قال: إذا حلف لا يأكل طعامًا اشتراه زيد، فاشترى زيد وعمرو طعامًا صفقة واحدة، فأكل منه لم يحنث.
وقال أبو حنيفة: يحنث احتجاجًا بأمرين:
أحدهما: أنه قد أكل طعامًا قد اشتراه زيد، وعمرو، فوجب أن يحنث كما لو اشترياه في صفقتين.
والثاني: إلزام لنا أنه لما أجرى الشافعي على اجتماعهما في الشراء حكم الصفقتين في انفراد كل واحد منهما، بالرد بالعيب، وجب أن يجري عليه حكم الصفقتين في الحنث.
ودليلنا شيئان:
أحدهما: أن الشراء عقد إذا اشتركا فيه، لم ينفرد أحدهما به واختص كل واحد منهما في العرف بنصفه، فلم تكمل الصفة، فلم يقع الحنث، لأن الأسماء في الأيمان يختص بالعرف.
والثاني: أن كل جزء من الطعام لم يختص الحالف بشرائه، فإن قل فوجب ان لا يقع له الحنث كما لو حلف، لا دخلت دار زيد فدخل دارًا بين زيد وعمرو، أو حلف لا يلبس ثوب زيد، فلبس ثوبًا بين زيد وعمرو لم يحنث بوفاق أبي حنيفة، كذلك يلزمه أن لا يحنث بطعام اشتراه زيد وعمرو.
فإما الجواب عن استدلاله بالشراء في صفقتين مشاعًا فهو أن كل جزء من أجزاء الطعام قد اشتري زيد نصفه، بعقد تام فوجد شرط الحنث، وإذا كان بعقد واحد فهو مشترك، فلم يكمل شرط الحنث فافترقا.
وأما الجواب عما ذكره من الرد بالعيب، فهو أن الأيمان والأحكام وإن اشتركا في اعتبار الأسماء فقد افترقا في غيرها، فاعتبر العرف في الأيمان واعتبر المعنى في الأحكام، فصار هذا الفرق مانعًا من اشتراكهما في تعلق الحكم بهما على سواء.
فصل:
فإما إذا اشترى زيد طعامًا انفرد به، واشترى عمرو طعامًا انفرد به، وخلطاه فأكل منه الحالف، ففي حنثه ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو قول أبى سعيد الإصطخري أنه لا يحنث بحال، وإن أكل جميع