الطعامين، لأن الاختلاط المحلوف عليه بغيره خارج في العرف عن اسم الانفراد، فخرج عنه من حيث الأيمان، حتى قال أبو سعيد الإصطخري: لو حلف لا يأكل جبنًا فأكل خبزًا وجبنًا لم يحنث، وزعم من نص قوله بأن الشافعي قد نص في الجامع الكبير: "أنه لو حلف لا يأكل زيتًا فأكل خبزًا وزيتًا لم يحنث"، وهذا المحكي عنه في الجامع الكبير سهو من حاكيه، والموجود في الجامع الكبير للمزني عن الشافعي: "أنه لو حلف لا أكل خبزًا وجبنًا فأكل خبزًا وزيتًا، لم يحنث" ورد بهذا القول على مالك حيث حنثه بذلك فهذا وجه.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه إذا اختلط الطعامان وكانا متساوين في القدر فأكل منهما أكثر من النصف حنثه، لعلمنا أنه قد أكل مما اشتراه زيد، وإن أكل أقل من النصف، لم يحنث للاحتمال وجواز أن لا يكون قد أكل ما اشتراه زيد، لأن الحنث لا يقع بالاحتمال، والجواز.
والثالث: مذهب البصريين ويشبه أن يكون قول أبي علي بن أبي هريرة أنه إن كان كالمانع في الامتزاج، وإن كان متميزًا مثل التمر، والرطب، لم يحنث، حتى يأكل منه أكثر من النصف لدخول الاحتمال في المتميز، وانتفائه عن الممتزج.
وقد قال الشافعي: "لو حلف على تمرة أن لا يأكلها فوقعت في تمر كثير. فأكله كله إلا تمرة لم يحنث" لجواز أن تكون الباقية هي التمرة المحلوف عليها.
فصل:
ولو حلف لا يأكل طعامًا اشتراه زيد، فأكل من طعام ورثه زيد، أو استو هبه، لم يحنث، لأنه جعل الشراء شرطًا في الحنث.
وقال مالك: يحنث، لأن المقصود ملك زيد، ولو كان زيد في الشراء وكيلًا، فأكل منه الحالف لم يحنث، لأن الشراء من غيره، وحنثه مالك، لأنه من ملكه ولو توكل زيد لغيره فاشترى طعامًا لموكله، حنث الحالف بأكله، وإن لم يملكه زيد، لأن اليمين معقودة على الشراء، دون الملك، وهذا إذا كانت اليمين مطلقة فأما إن كانت له نية فإنه يحمل في الحنث على نيته.
مسألة:
قَالَ الشافعي:" وَلَوْ حِلْفً لَا يَسْكُنُ دَارً فُلَانٌ هَذِهٍ بِعَيْنِهَا فَبَاعَهَا فُلَانٌ حِنْثً بأَيْ وَجْهُ سَكَنِهَا إِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَا كَانَتْ لِفُلاَنٍ لَمْ يَحْنَثْ إِذَا خَرَجْتِ مَنْ مَلَكَهُ".