قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا حلف على دار زيد أن لا يسكنها ولا يدخلها فذلك ضربان:
أحدهما: أن يعين الدار فيقول لا دخلت دار زيد هذه، فتكون اليمين منعقدة على عين الدار، وتكون إضافتها آلي زيد تعريفًا فإن دخلها، وهى على ملك زيد حنث، بإجماع، وإن دخلها بعد أن باعها زيد حنث عندنا وهو مذهب مالك، ومحمد بن الحسن، وزفر تغليبًا لحكم العين دون الإضافة.
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: لا يحنث بزوال ملك زيد عنها، وجعل إضافتها إلى زيد شرطًا في عقد اليمين احتجاجًا بأمرين:
أحدهما: أن المقصود بهذه اليمين قطع الموالاة، وإظهار العداوة والدار لا توالي ولا تعادي فصار صاحبها مقصودًا، فكان بقاء ملكه في اليمين شرطًا.
والثاني: أنه لما كان دخولها موقوفًا على إذنه، وجب أن يكون بقاء ملكه شرطًا في حنثه.
ودليلنا شيئان:
أحدهما: أن اليمين إذا تعلقت بعين مضافة وجب أن يغلب حكم العين على الإضافة، ويقع بهما الحنث مع زوال الإضافة كما لو حلف لا يكلم زوجة زيد، فطلقها زيد حنث بكلامها، تغليبًا للعين على الإضافة، كذلك إذا قال: لا دخلت هذه الدار، التي لزيد، وجب أن يحنث بدخولها وإن خرجت عن ملك زيد، فإن قيل: الزوجة توالي وتعادي فغلب حكم العين على الإضافة، والدار لا توالي ولا تعادي، فغلب حكم الإضافة على العين. قيل: اعتبار هذا التعليل في إيقاع الفرق بين الفرع، والأصل باطل في الفرع بأن يقول: لا دخلت الدار من غير إضافة، فيحنث بدخولها، وإن كانت الدار لا توالي ولا تعادي وباطل في الأصل بأن يقول لا كلمت عبد زيد فحنث عنده بكلامه، إذا باعه زيد، وإن كان العبد لا يوالي ولا يعادي وإذا بطل التعليل في الأصل والفرع سقط.
والثاني: أن العين إذا أضيفت آلي صفة، كانت الصفة تعريفًا ولم تكن شرطًا، كما لو قال: لا كلمت هذا الراكب، لم يكن بقاء ركوبه شرطًا في حنثه، وحنث بكلامه راكبًا، ونازلًا لأنهما إضافة تعريف، كذلك دار زيد وقد مضى الجواب عن استدلالهم بالموالاة، والمعاداة.
فالجواب عن استدلالهم بأن دخولها موقوف على إذن مالكها، فهو أن الإذن في الدخول غير معتبر في البر، والحنث، فكان أولى لا يعتبر به مستحق الإذن والله أعلم.
فصل:
والثاني: أن يعين الدار بأن يقول: لا دخلت دار زيد، فتكون اليمين منعقدة على ملك زيد للدار، فأي دار دخلها، وزيد مالكها حنث بدخولها فإن باعها زيد بعد ملكه