لها، فدخلها الحالف لم يحنث بوفاق. والفرق بين الإطلاق والتعيين، أن عدم العين في الإطلاق أوجب عقد اليمين على الإضافة، ووجود العين في التعيين، أوجب عقدها على العين ألا تراه لو أسلم في ثوب هروي. كان العقد مختصًا بالصفة، ولو اشترى هذا الثوب الهروي، كان العقد مختصًا بالعين دون الصفة، فإن وجده هرويًا لم يبطل البيع، فإن حلف لا يدخل دار زيد، فدخل دارًا بين زيد وعمرو لم يحنث قل سهم زيد فيها، أو كثر، لأن ملكه لم يكمل وإن أعار زيد داره، أو رهنها حنث، بدخولها، لبقائها على ملكه، ولو وقفها لم يحنث لخروج الوقف عن ملك واقفه، ولو دخل استأجرها زيد من مالكها، لم يحنث بدخولها لأن حقيقة الإضافة محمولة على الملك دون اليد والتصرف وهذا مع إطلاق يمينه، وإن حنثه مالك بهذا كله فأما إذا كانت له نية، فحنثه محمول على نيته، والله أعلم.
مسألة
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا لَمْ يَحْنَثْ لأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارٍ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا حلف، لا يدخل هذه الدار، فانهدمت وصارت عراصًا، فدخلها لم يحنث، وهكذا لو حلف لا يدخل هذا البيت، فانهدم، وصار براحًا لم يحنث.
وقال أبو حنيفة: إذا دخل عرصة الدار بعد انهدامها حنث، وإذا دخل عرصة البيت بعد انهدامه، لم يحنث فوافق في البيت، وخالف في الدار، إلا أن يبني مسجدًا أو حمامًا، أو يجعل بستانًا، استدلالًا بأن اسم الدار ينطلق على العرصة بعد ذهاب العمارة، كما ينطلق عليها مع العمارة كما يقولون هذه ديار عاد، وديار ثمود، وديار ربيعة، وديار مضر، وإن ذهبت عمارتها، وبقيت عراصها، وهو واضح في أشعار العرب قال النابغة:
يَا دَارَ مَيَّةَ بِالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَمَدِ
وقال لبيد:
عَفَتْ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا بِمِنًى تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرَجَامُهَا
فَمَا هَا دَارًا بَعْدُ أَقْوَاتُهَا
والعفا: الدرس فسماها ديارًا بعد دروسها، فكان بقاء الاسم على عرصها موجبًا، لوقوع الحنث، بدخولها، ولأنه لو انهدم من سورها، فأدخل منه آلي عرصة ضمنها حنث، وإن لم يدخل في بناء ولا صار في عمارة فكذلك إذا انهدم جميع بنائها حنث بدخول عرصتها.