والثاني: أن يمنع بالهدم من سكنى الباقي، وسكنى المستهدم، فلا يحنث بدخول ما بقي، ولا بدخول ما أنهدم.
والثالث: أن يمنع الهدم من سكنى ما استهدم، ولا يمنع من سكنى ما بقي على عمارته، ولم يستهدم فلا يحنث بدخول المستهدم منها، ويحنث بدخول الباقي من عامرها، ولو انهدمت بيتونها، وبقي سورها، فإن كان السور مانعًا لعلوه حنث بدخوله، وإن كان غير مانع لقصره فالصحيح أنه لا يحنث بدخوله، وخرج بعض أصحابنا وجهًا آخر فمن حلف لا يدخل الدار، ورقا على سطحها أنه يحنث، إذا كانت عليه سترة وليس هذا التحريم صحيحًا، لأن السطح ممتنع بسكنى أسفله، فجاز أن يكون قصر سترته مانعًا فخالف الباقي من سترة الدار.
فصل
وإذا انهدمت الدار المحلوف عليها فبينت مسجدًا، أو حمامًا، لم يحنث بدخوله، سواء كان البناء بتلك الآلة، أو بغيرها لزوال اسم الدار عنها، وإن أعيد بناؤها دارًا، لم يخل أن تبنى بتلك الآلة، أو بغيرها، فإن بنيت بغير تلك الآلة، لم يحنث، لأنه دخل غير تلك الدار، وإن بنيت الآلة ففي حنثه بدخولها وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة، لا يحنث، لأن غير ذلك البناء يجعلها غير تلك الدار.
والثاني: يحنث لأن تلك العرصة، وتلك الآلة تجعلها تلك الدار وجرى تغيير بنائها، مجرى تغيير سقوفها وأبوبها.
مسألة
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلْ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعٍ فَحَوَّلَ لَمْ يَحْنَث إِلَّا أَنْ يَنْوِي أَنْ يَدْخُلَهَا فَيَحْنَثَ".
قال في الحاوي: اعلم أنه لا يخلو حال من حلف، لا يدخل هذه الدار من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يطلق يمينه في دخولها، ولا يسمى موضع دخوله إليها، فيحنث بدخولها من بابها، وغير بابها، من ثقب فيها أو جدار تسوره، حتى دخلها لأن عقد اليمين في الإطلاق مقصور على الدخول، دون المدخل.
والثاني: أن يحلف "لا دخلتها من هذا الباب" فإن دخلها منه حنث، وإن دخلها من باب استحدث لها، لم يحنث، سواء فعل ذلك الباب من الأول إلى المستحدث، أو ترك وحكي أبو حامد الإسفراييني عن بعض أصحابنا أنه إن نقل باب الأول إلى الثاني،