حنث بدخول الثاني دون الأول، وإن ترك على الأول حنث بدخول الأول، ولم يحنث بدخول الثاني، فجعل الباب معتبرًا بالخشب المنحوت دون الفتح المعقود، والذي عليه جمهور أصحابنا هو المعول عليه من مذهب الشافعي أن الباب معتبر بالفتح المقعود، دون الخشب المنصوب، لأن الباب على ما يكون منه الدخول، والخروج، وذلك من الفتح المعقود، فكان أحق بالاسم من الخشب المنصوب.
والثالث: أن يحلف لا دخلت هذه الدار من بابها، ولا يشير إلى باب بعينه، فإن تسور عليه من جدارها، أو دخل من ثقب في حائطها لم يحنث، وإن دخل من بابها الموجود لها وقت يمينه حنث، وإن استحدث لها باب غيره فدخل منه ففي حنثه وجهان:
أحدهما: وهو ظاهر ما نص عليها الشافعي في هذا الموضع، أنه لا يحنث وبه قال أبو علي بن أبي هريرة لأن اليمين انعقدت على باب موجود، فكان شرطًا في الحنث، كما لو حلف: "لا دخلت دار زيد" فباعها زيد لم يحنث.
والثاني: وهو أظهرهما وبه، قال أبو إسحاق المروزي أنه يحنث لأن الحادث باب لها فصار داخلًا من بابها فصار كما لو حلف "لا دخلت هذه الدار التي لزيد" فباعها زيد، حنث بدخولها، فيكون نص الشافعي محمولًا على تعين الباب دون إبهامه.
مسألة
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ رِدَاءٌ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا أَوْ اتْتَزرَ بِهِ أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ فَئْتَزَرَ بِهِ أَوْ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِه فَهَذَا كُلُّهُ لُبْسٌ يَحْنَثُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يَحْنَثُ إِلَّا عَلَى نِيَّتِهِ".
قال في الحاوي: وهذه مسألة اختلط فيها كلام أصحابنا، حتى خبطوا خبط عشواء، وسنذكر ما يسره الله تعالى، وأرجو أن يكون بالصواب مقرونًا، فإذا حلف لا يلبس ثوبًا، وهو على صفة، فلبسه وهو على خلافها، كمن حلف لا يلبس ثوبًا هو رداء فائتتزر به، أو قطعه قميصًا، أو حلف لا يلبس قميصًا، فارتدى به، أو قطعه سراويل أو حلف لا يلبس سراويل، فائتزر به، أو حوله منديلًا أو حلف لا يلبس طيلسانًا، فتعمم به، أو قطعه ملبوسًا، فلا يخلو حال يمينه من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يعقدها على عين الثوب، ويلغي صفته، وصفة لبسه، فهذا يحنث على أي حال لبسه، وعلى أي صفة لبسه مع تغير أحواله، وأوصافه اعتبارًا، بعقد اليمين على عينه، دون صفته، وهذا مما اتفق أصحابنا عليه.
والثاني: أن يعقد يمينه على صفة الثوب وصفة لبسه فحنث يلبسه إذا كان على حاله، وعلى الصفة المعتادة في لبسه، ولا يحنث أن يجعل الإزار قميصًا، أو اتزر به،