النخل مدة حملها من أول طلعها إلى آخر جذاؤها، وقدره مالك بسنة، لأنها تحمل من كل سنة، فتكون من الإطلاع إلى الإطلاع ستة.
ودليلنا هو أن الحين اسم مبهم، ينطلق على قليل الزمان، كقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الروم: 17 وأراد به أقل من يوم، وينطلق على مدة الدنيا لقوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ص: 88 يعني يوم القيامة، وينطلق على ما بين الزمانين كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ} الإنسان: 1 يعني: تسعة أشهر هي مدة حمله، وقيل: هي أربعون سنة إشارة إلى آدم أنه صور من حمإ مسنون وطين لازب، ثم نفخ فيه الروح بعد أربعين سنة، وإذا اختلف المراد به في هذه المواضع دل على أنه مشترك لا يختص بزمان دون غيره، وينطلق على قليل الزمان وكثيره، وإذا كان كذلك وقضاه قبل موته، ولو بطرفة عين بر في يمينه، لأنه قضاه في زمان ينطلق عليه اسم الحين، قال الشافعي رضي الله عنه: وأفتيه ورعًا أن يقضيه في يومه، وأن يحنث نفسه إن قضاه بعد انقضائه ليحمل على أقل ما ورد به الشرع، وإن لم يلزم ذلك في الحكم.
فصل
قال: ويتفرع على هذا إذا حلف لا أكلم فلانًا إلا بعد حين فكلمه بعد ساعة من يمينه بر لوجود الكلام بعد زمان ينطلق اسم الحين عليه. وعند أبي حنيفة لا يبر حتى يكلمه بعد ستة أشهر.
وعند مالك لا يبر حتى يكلمه بعد سنة على حسب اختلافهم في مدة الحين، والفرق بين هذه المسألة والتي تقدمت أن هذه نفي وتلك إثبات، فإذا وجد الفعل النفي والإثبات في زمان ينطلق اسم الحين عليه بر، وقليل الزمان حين، فبر في النفي وكثيره حين فبر في الإثبات والله أعلم.
مسألة
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَكَذَلَكَ زَمَانٌ وَدَهْرٌ وَأَحْقَابٌ وَكُلُّ كَلِمَةٍ مُفْرَدَةٍ لَيْسَ لَهَا ظَاهِرٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا".
قال في الحاوي: وهذا صحيح: إذا حلف ليقضينه حقه بعد زمان أو بعد دهر أو بعد أحقاب بر إذا قضاه بعد قليل الزمان وكثير كالحين، لأنها أسماء مبهمة ينطلق على ما قل وكثر.
وقال أبو حنيفة: أقل الزمان ستة أشهر وأقل الحقب ثمانون سنة، وقال مالك: أقله أربعون سنة وليس لهذا التحديد وجه لعدم النص فيه والقياس، وهو في الجملة عبارة عن