زمان غير محدود وقال أهل اللغة ولو حلف ليقضينه حقه قريبًا أو بعيدًا فإنه غير محدود فجاز أن يقضيه في قليل الزمان وكثيره، وكذلك قريب الزمان وبعيده.
وقال أبو حنيفة في القريب: إنه أقل من شهر، وفي البعيد: إنه أكثر من شهر وليس بصحيح، لأنه قد يكون قريبًا بالإضافة إلى ما هو أبعد ويكون بعيدًا بالإضافة إلى ما هو أقرب، فصار كقوله: له علي مال كثير أو قليل والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو حلف لا يشترى فأمر غيره أو لا يُطّلِّقُ فجعل طلاقها إليها فطلقت أو لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك".
قال في الحاوي: اعلم أنه لا يخلو حال من حلف لا يفعل شيئًا فأمر غيره حتى فعله من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن ينوي لا يفعله بنفسه، فلا يحنث إذا أمر غيره بفعله، لا يختلف المذهب فيه اعتبارًا بنيته، سواء جل قدر الحالف أو قلّ.
والثانية: أن ينوي أنه لا كان منه ما يقتضي ذلك الفعل ولا كان باعثًا عليه فيحنث إذا أمر غيره بفعله كما يحنث إذا فعله بنفسه، لأنه قد كان باعثًا عليه سواء جلّ قدر الحالف أو قلّ.
والثالثة: أن تكون يمينه مطلقة لم تقترن بها نية، فينقسم ذلك الفعل المحلوف عليه ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون العرف في فعله جاريًأ بالأمر دون المباشرة من جميع الناس، كقوله: والله لا احتجمت، ولا اقتصدت ولا حلقت رأسي، ولا بنيت داري، فإذا أمر غيره بالحجامة وفصده وحلق رأسه، وبناء داره حنث سواء جلّ قدر الحالف أو قلّ، لأنه لم يجر في العرف من قليل أو جليل أن يباشر فعلها في نفسه، إلا بأمره، فصار العرف فيه شرطًا يصرف حقيقة الفعل إلى مجازه فيصير اعتبار المجاز إذا اقترن بالعرف أولى من اعتبار الحقيقة إذا فارق العرف لأن العرف ناقل.
والثاني: أن يكون العرف في فعله جاريًا بمباشرته دون أمره من جميع الناس كقوله: والله لا كتبت، ولا قرأت، ولا حججت، ولا اعتمرت فإذا أمر غيره بالكتابة والقراءة والحج والعمرة لم يحنث، سواء جلّ قدر الحالف أو قلّ، لأن العرف جار بين الناس بمباشرة ذلك من كل قليل وجليل، فصار العرف مقترنًا بالحقيقة دون المجاز فخرج مجازه عن حكمه.
والثالث: أن يكون العرف مختلفًا في مباشرة فعله فيباشره من دنا، ولا يباشره من