مسألة:
قال الشافعي: "ولو حلف ليقضينه حقه غدًا فقضاه اليوم حنث لأن قصاءه غدًا غير قضائه اليوم فإن كانت نيته أن لا يخرج غد حتى أقضيك حقك فقد بر".
قال في الحاوي: وقد مضت هذه المسألة إذا حلف ليقضينه حقه غدًا فقضاه اليوم أنه يحنث، لأن قضاءه اليوم ليس بقضاء في غد وقال أبو حنيفة ومالك: لا يحنث، ولكن لو نوى بيمينه أن لا يخرج غدًا حتى أقضيك بر، لأنه جعل خروج الغد حدًا، ولم يجعله وقتًا ولو حلف، لأدخلن الدار في غد فدخلها اليوم لم يحنث، لأنه يقدر على دخولها في غد فإن لم يدخلها في غد حنث، ولو حلف ليبيعن عبده في غد فباعه اليوم لا يحنث، لأنه يقدر على ابتياعه بعد بيعه ثم يبيعه في غد، فإن فعل ذلك وإلا حنث حينئذٍ، ولو أعتقه قبل غد حنث، لأنه لا يقدر على بيعه بعد عتقه، ولو دبره لم يحنث، لأنه يقدر على بيعه، ولو كاتبه لم يتعجل حنثه لجواز أن يعجز العبد نفسه قبل غد فيقدر على بيعه في غد. ولو حلف ليطلقن زوجته في غد، فطلقها اليوم، فإن استوفي به جميع طلاقها حنث، وإن لم يستوفيه لم يحنث، لأنه يقدر على طلاقها في غد.
ولو حلف ليتزوجن هذه المرأة في غد فتزوجها اليوم، ولم يتعجل حنثه، لأنه يقدر على طلاقها واستئناف نكاحها في غد، فإن فعل وإلا حنث.
ولو حلف ليعتقن عبده في غد فأغتقه اليوم حنث، لأنه لا يقدر على استئناف عتقه بعد نفوذه اليوم بخلاف النكاح، وإذا حنث في هذه المسائل على ما بينا، ففي زمان حنثه ثلاثة أوجه:
أحدها: حكاه ابن أبى هريرة احتمالاً، أنه يحنث لوقته، لأنه لا سبيل له آلي البر.
والثاني: أنه يحنث في أول دخول غده. لأنه أول أوقات بره.
والثالث: أنه لا يحنث إلا بخروج غده، لأنه أخر أوقات بره، فصار وقتًا لحنثه، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "هكذا لو وهبه له رب الحق حنث إلا أن يكون نوى أن لا يبقى على غدًا من حق شيء فيبر".
قال في الحاوي: ولسقوط الحق عنه بغير أداء حالتان:
إحداهما: هبة تتوجه إلى الأعيان.
والثاني: إبراء يتوجه إلى الذمة، فأما الهبة فهي تمليك محض لا يتم إلا بالقبول بعد البدل والقبض بعد العقد، فإذا حلف ليقضيه حقه في غد أو ليدفعن إليه حقه في غد فوهبه