والثاني: يبرُّ به؛ لأن كل سوط يحصل به ضربة، ألا ترى أن الزاني إذا ضرب به 25/ أ سقط عنه الحد.
فرع آخر
متى وقع اسم الضرب فقد برَّ، سواء ألمه بذلك أو لم يؤلمه، نص عليه. وقال مالك: لا يبر إلا بأن يألم بالضرب؛ لأنه يشترط الإيلام في ضربه الحد والتعزيز، وهذا لا يصح؛ لأن اسم الضرب يتناوله مؤلمًا كان أو غير مؤلم، يقال: ضربٌ مؤلمٌ، وضربٌ غير مؤلم، فإذا تناوله الاسم برَّ به ويخالف الحد والتعزيز؛ لأن الغرض بهما الردع والزجر، ولا يحصل ذلك إلا بالإيلام، وهاهنا الاعتبار بما يتناوله وله الاسم فلا يشترط فيه الألم. ولو وضع عليه السوط ورفعه لا يبر به بلا خلاف.
فرع آخر
لو علم أن الجميع لم يماسه لم بر؛ لأن الضرب لم يحصل بكماله ومماسته الجميع أن يقع البعض فوق البعض حتى يصل إليه شدة الكل.
فرع آخر
لو شك هل أصابه الكل أم لا ظاهره قال ههنا: إنه يبر، والورع أن يحنث نفسه. قال المزني: هذا خلاف قوله: ليفعلن كذا إلا أن يشاء فلان فمات فلانٌ حنث، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم، وعند أبي حنيفة والمزني هاهنا لا يبر.
وقال القفال: هاهنا قول آخر لا يبر أيضًا كما في مسألة المشتبه، وهما كالقولين في إعتاق العبد الغائب الذي لا يعرف حياته عن الكفارة، ففي قول يعتبر براءة الذمة، والأصل أنها لم تبرأ، بل هي مشتغلة بالكفارة، وفي قول يعتبر أصل بقاء العبد، كذا هاهنا يعتبر أحد القولين ظاهر إصابته الكل، وفي الثاني يعتبر أن الأصل أنه لم يبر ما لم يتيقن.
ومن أصحابنا من أنكر هذا وقال: ما لم يماسه في السياط فقد يقل ما ماسه، فقد حصل معنى الضرب بالمماس وغير المماس، وهذا خلاف نص الشافعي رضي الله عنه؛ لأنه قال: أحاط أنها ل تماسه كلها لم يبر.
ومن أصحابنا من قال: إذا شك في الإصابة ولم يغلب على ظنه شيء حنث، وإن لم يتيقن الإصابة وغلب على ظنه 25/ ب الكل برَّ. وقال أبو حنيفة والمزني: لا يبر؛ لأن الأصل عدم الإصابة مالم يتيقن وهذا لا يصح؛ لأن غلبة الظن أجريت في الحكم مجرى اليقين، كما يحكم بخبر الواحد والقياس على غلبة الظن.
فرع آخر
لو قال: مائة سوط لم يبر بعثكال النخل، ولو قال مائة خشبة برَّ بالعثكال.
فرع آخر
لو كان عليه لباسٌ يمنع وصول الضرب إلى بشرة بدنه، فإن كان كثيفًا يخرج عن