العرف ويمنع من الإحساس بالضرب لم يبر، وإن كان مألوفًا لا يخرج عن العرف ولا يمنع من الإحساس بالضرب يبر وإن لم يألم.
فرع آخر
لو قال: ليضربن عبده مائة مرةٍ فعليه في البر أن يفارقها، ولا يجوز أيجمعها، فإن جمعها وضربه كانت مرة، ولو قال: أضربك بمائة سوطٍ وضربه بها جاز وإن لم يصل جميعها إلى بدنه على ما ذكرنا؛ لأن دخول الباء على العدد لم يجعله صفة لآلة الضرب ولا يجعله صفةً لعدد المضروب، ولو قال: أضربك مائة سوطٍ وحذف الباء من العدد لزم البر أن يصل جميعها إلى بدنه؛ لأنه جعله صفةً لعدد الضرب دون الآلة، ذكره في "الحاوي".
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لَهُ هِبَةٌ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ نَحَلَهُ أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ هِبَةٌ".
الفصل
اعلم أنه إذا حلف لا يهب لفلانٍ هبة فإن هذا يتناول جميع أنواع التمليك بغير عوضٍ في حال الحياة، فإن وهب له شيئًا أو أهدى إليه هدية وأقبض، وإن لم يتقدمها عقد، أو كان ابنه فنحله أو أعمره، أو تصدق عليه صدقة تطوع يحنث بجميع ذلك، وبه قال أحمد. وقال أبو حنيفة: لا يحنث في صدقة التطوع؛ لأن الصدقة لا تسمى هبة، ولهذا كانت الصدقة لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحل له الهدية والهبة وهذا لا يصح؛ لأن 26/ أ المسكين الذي يتصدق عليه بشيء لا يتحاشى في العبارة أن يقول: وهب لي فلان كذا، ولأن الهبة اسم عام لجميع التمليكات بغير عوض، إلا أن كل نوع منها مختص باسم، فإذا وهب النضير من النضير يقال: هبة، وإذا وهب لمن هو أعلى منه يقال: هدية، وإذا وهب الولد يقال: نحله، وإذا وهب الفقير يقال: صدقة حنث بكلها، وهو كاسم الرطب يتناول أنواعًا كثيرة.
وأما صدقة التطوع هل كانت تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قولان.
فرع
لو أوصى بمالٍ لم يحنث؛ لأنه ليس بتمليك عين في حال الحياة، وإنما يحصل التمليك منها بالموت والقبول، وإذا مات سقطت.
فرع آخر
إذا عقد الهبة ففي زمان حنثه وجهان مخرجان من القولين متى يملك الهبة؟ أحدهما: بالقبض، فيحنث وقت إقباضها.
والثاني: يدل بالقبض على ملكها وقت عقدها فيحنث وقت العقد.
فرع آخر
إذا عقد الهبة وسلم فلم يقبلها الموهوب له وردها هل يحنث؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يحنث؛ لأن الهبة لم تتم تخريجًا من قوله أنه ملكها بالقبض.