وقال في "الحاوي": وفي زمان قضائه وجهان؛ أحدهما: على التراخي كأصل النذر. والثاني: على الفور في الآتي، وعليه في القضاء أن يحج ماشياً، ولكن هل يعتد بمشيه الذي كان فيه؟ وجهان:
أحدهما: لا يعتد به كما لا يعتد بغيره من أركانه، ويلزمه العود إلى بلده لإحرامه بالقضاء منه ومشيه.
والثاني: يعتد بمشيه في الفائت وإن لم يعتد بشيء من أركانه لاختصاص المشي بالنذر دون الشرع، فيجوز أن يركب في حجة القضاء حتى ينتهي إلى محل الفوات ثم يركب في بقية حجه حتى يتحلل منه، حكاه ابن أبي هريرة مع ضعفه.
فرع آخر
لو قال: لله عليَّ أن أحج العام القابل، هل يجوز تقديمه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن عبادات الأبدان لا يجوز تقديمها على وقتها.
والثاني: يجوز إذا وجد شرط نذره كما يجوز تقديم حجة الإسلام قبل وجوبها.
فرع آخر
الأولى به أن يحرم في عام نذره، فإذا أحرم به ففاته هل يلزمه؟ فيه قولان؛ أحدهما: يلزمه كغير المعين.
والثاني: لا يلزمه إلا أن المعين لا يتماثل في القضاء، فإذا قلنا لا يلزمه وجب أن يمشي فيما يتحلل به من فواته؛ لأنه في الباقي مؤدٍ لحقوق نذره، وإذا قلنا يلزمه قضاءهُ لزمه في قضائه المشي، وفي لزوم المشي فيما يتحلل به قولان.
فرع آخر
لو أخر الحج عن عامه المعين، فإن كان لغير عذرٍ يلزمه قضاءه، وإن كان لغير عذرٍ ففي وجوب قضائه قولان كالفوات.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَي أَنْ أَمْشِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْء حَتَى يَكُونَ برّاً".
الفصل
جملة هذا أنه لا يخلو إما أن ينذر مشياً مطلقاً، أو إلى موضعٍ بعينه، فإن نذر مشياً مطلقاً لم ينعقد نذره ولا شيء عليه؛ 40/ أ لأن المشي إلي غير موضع البر ليس بقربةٍ فلا يجب النذر، كما لو نذر أن ينام أو يأكل، وحكي عن أحمد أنه قال: إذا نذر فعل المباح انعقد نذره وكان مخيراً بين الوفاء به وبين الكفارة للخبر الذي ذكرنا في المرأة التي نذرت أن تضرب الدف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ودليلنا خبر الأعرابي أنه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم، فأسقط رسول الله صلى الله عليه وسلم من نذره ما ليس بطاعةٍ، وقد ذكرنا تأويل ما ذكروا من الخبر، وإن أطلق