صلاةٍ فيما سواه، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاةٍ في مسجدي". وأما عيادة المريض لا نسلم، بل نلزم بالنذر لأنها قربة.
والثالثة: لو نذر أن يمشي إلى العراق، أو إلى بغداد، أو إلى مسجد البصرة، أو الكوفة ونحو ذلك سوى المساجد الثلاثة لا ينعقد نذره ولا يلزمه إتيانه؛ لأنه ليس له طاعة في المشي إلى شيء من البلدان ولا إلى مساجدها، نص عليه في "الأم" ويفارق المشي إلى بيت الله الحرام فإنه طاعة على ما ذكرنا.
وقد روي أن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرضٍ، فدعا ولده فجمعهم ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج من مكة ماشياً حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوةٍ سبعمائة حسنةٍ من حسنات الحرم"، قيل: وما حسنات الحرم؟ قال: "كل حسنةٍ مائة ألف حسنةٍ". وسُئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عمن نذر أن يمشي إلى الكعبة، فمشى نصف الطريق ثم ركب، فقال: إذا كان عام قابل فليركب ما مشى وليمش ما ركب وينحر بدنة.
وقال أنس - رضي الله عنه -: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيخ كبير يهادي بين ابنيه، فقال "ما بال هذا؟ " قالوا: نذر يا رسول الله أن يمشي، فقال: "إن الله - عز وجل - غني عن تعذيب هذا نفسه" فأمره أن يركب فركب. ولم يذكر الفدية، وهذا يدل على أنه يجوز الركوب عند العجز ولا فدية.
فرع آخر
لو نذر أن يأتي إلى موضع من الحرام، لزمه حج أو عمرة سواء ذكر مزدلفة أو منى أو مكة، أو الحرم أو المسجد الحرام، حتى لو قال: عليَّ أن آتي دار أبي جهل، أو دار الخيزران التي كانت داراً لزوجة خليفةٍ من الحرم يلزمه ذلك بحجٍ أو عمرةٍ؛ لأن كلها سواء في قربة الحرم، وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يلزمه مشي، 42/ ب وإنما يلزمه إذا قال: أمشي إلى بيت الله الحرام، أو إلى مكة، أو إلى الكعبة استحساناً؛ لأن الناس يعبرون بذلك عن إيجاب الإحرام. وقال أبو يوسف، ومحمد، وزفر: إذا قال: إلى الحرم، أو إلى المسجد الحرام يلزمه، وإن قال: إلى مزدلفة أو منى لم يلزمه. ومن أصحابنا من قال: هذا إذا قلنا لا يجوز له دخول الحرم إلا بالإحرام. وإذا قلنا يجوز ذلك لا يلزمه شيء.