ويلزمه القضاء بلا خلافٍ؛ لأنه يفطر باختياره.
ولو قال: لله عليَّ أن أصوم سنة كذا يصومها إلا رمضان، فإنه يصومه لرمضان ويفطر في الأيام التي ذكرنا ولا قضاء لما ذكرنا، فإن أفطر يوماً سوى هذه الأيام أو صام عن غيره يقضيه ولايبطل ما مضى؛ لأن التتابع للوقت على ما ذكرنا، ولو كان الناذر امرأة فأطرت بالحيض، أو أفطرت هي والرجل بالمرض هل تقضي؟ فعلى ما ذكرنا. قال صاحب "الإفصاح": والصحيح أن لا قضاء، لا في هذه المسألة ولا في المسألة السابقة.
ولو قيد بالتتابع فقال: سنة كذا متتابعاً فأفطر يوماً متعمداً بطل التتابع، ويبطل ما مضى من صومه ويستأنف على ما ذكرنا. وحكي عن القفال أنه لا يبطل ما مضى من صومه، ولا تأثير لقوله: "متتابعاً" وهو غلط عليه عندي.
ولو قال: لله عليَّ أن أصوم هذه السنة يتناول السنة الشرعية من المحرم إلى المحرم، فإن كان قد مضى نصف الحول لا يلزمه الباقي، ثم إذا كان في ذلك الباقي رمضان والأعياد لا يلزمه قضاءها. وأما إذا قال: أصوم سنة ولم يعين وأطلق ينعقد نذره ويثبت الصوم في ذمته، ويلزمه أن يصوم سنةً اثني عشر شهراً، ويجوز متوالياً ومتفرقاً. ثم إذا اختار الصوم فهو على ما ذكرنا في تمام الشهر ونقصانه، وإذا أفطر الأعياد وصام لرمضان يلزمه قضاء الكل؛ لأن السنة إذا كانت في الذمة تقدرت بتمام اثني عشر شهراً ولفظ القضاء عن الشافعي - رضي الله عنه - عبارة مجازٍ لا عبارة 49/ أ حقيقة؛ لأن السنة إذا كانت بغير عينها فقضاء هذه الأيام على معنى الأداء لا على معنى القضاء، ثم إذا قضى شهر رمضان قضى مكانه شهراً تاماً كان أو ناقصاً؛ لأنه قضاء شهرٍ بأداء شهرٍ. وأما إذا قضى زمان الأعياد فقد أفطر في خمسة أيام فيسقط اعتبار الهلال في هذين الشهرين ويكون الاعتبار بالعدد، فإن كان الشهران تامين قضى خمسة أيام، وإن كانا ناقصين قضى سبعة أيام، وإن كان أحدهما ناقصاً والآخر تاماً قضى ستة أيامٍ.
وقال بعض أصحابنا: لو ابتدأ في هذه السنة التي ذكرناها من المحرم إلى المحرم، يقال: صام سنة، وإن كان صومه لسنةٍ منكرةٍ فالقياس أنه لا يلزمه صيام هذه الأيام، وإن كان ظاهر المذهب بخلافه. وإن شرط التتابع وقال: سنةً متتابعاً يلزمه ذلك، ولا يمكنه أن لا يتخللها رمضان وأيام العيد وأيام الحيض، وذلك كله لا يقطع التتابع ولكن يلزمه قضاءها على ما ذكرنا.
وقال في "الحاوي": لو نذرت صيام شهرين متتابعين فحاضت لم ينقطع التتابع بها، وفي وجوب قضائها قولان؛ أحدهما: تقضي كما تقضي في الكفارة.
والثاني: لا يلزمها القضاء؛ لأن وجوبه بالشرط بخلاف الكفارة، وهذا غريب.