إذا نذر أضحية وأطلق لا يجزئه الحامل، وهذا غريب.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ نَذَرَ عَشْراً صَامَهُ مُتَتَابِعاً أو مُتَفَرَّقاً".
جملة هذا إذا نذر صوم عشرة أيامٍ وأطلق يجوز متتابعاً ومتفرقاً، وقال داود: يلزمه التتابع، وهذا غلط، لأن الاسم يقع عليهما. وإن نذر أن يصوم شهراً بعينه فإنه متتابع من حيث الوقت كصوم رمضان، ولكن صفة التتابع لا تلزمه حتى لو أفطر يوماً لم يلزمه استيفاؤه، وكذلك لو قال: لله عليَّ أن أصوم شهراً من الآن. ولو قال: أصوم شهراً له أن يصوم شهراً بين الهلالين تاماً كان أو ناقصاً، وله أن يفرق. وإذا فرّق لا يجوز أقل من ثلاثين يوماً. وكذلك لو تابع إلا أنه لم يبتدأ من أول الشهر بل كسره ولو بيوم.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ نَذَرَ صِيَامَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا صَامَهَا إِلاَّ رَمَضَانَ".
اعلم أنه إذا نذر صوم سنةٍ فلا يخلو إما أن يقول: السنة الفلانية، أو يقول: سنة من وقتي هذا، أو يقول: سنةً مطلقاً. فإن قال: من وقتي هذا يلزمه صوم سنةٍ هلاليةٍ اثني عشر شهراً؛ لأن السنة في الشرع هذه، ويصوم جميع السنة إلا يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق؛ لأنه لا ينعقد نذره فيها ولا يلزمه قضاءها، وهكذا يصوم 48/ أ شهر رمضان عن رمضان لا عن النذر، ولا يلزمه قضاؤه؛ لأنه مستحق بصومه ولا ينعقد فيه غيره فلم يتناوله النذر، فلو أفطر فيها بعضها فلا يخلو إما أن يكون بعذرٍ أو بغير عذرٍ، فإن كان أطلق النذر ولم يشترط فيه التتابع يمضي على بقية صومه ويقضي ما أفطره، وإن كان شرط فيه التتابع انقطع حكم الصوم وعليه الاستئناف. وإن أفطر لعذر، فإن كان الناذر امرأة فأفطرت أيام حيضها، منعت في صومها ولا تستأنف؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه، وهل يجب عليها قضاء ما أفطرته؟ قولان:
أحدهما: لا يلزمها؛ لأنه لا يدخل في نذرها إلا ما يمكنها وتقدر عليه.
والثاني: يلزمها القضاء؛ لأن الزمان محل للصوم، وإنما منعت فيها من الصوم لمعنًى يمنعها وهو الحيض فلزمها القضاء، ولأن النذر محمول على المشروع ابتداءً، والحائض تقضي الصوم الواجب بالشرع، فكذلك الواجب بالنذر.
فإن قيل: أليس قلتم: لو نذرت الصوم في أيام الحيض لا ينعقد نذرها ولا يجب القضاء قولاً واحداً، فهلا قلتم هاهنا مثله؟ قيل: الفرق أن النذر إذا اختص بزمان الحيض كان نذر معصية، وهنا إذا تعلق بالسنة لم يكن معصيةً فافترقا. وإن أفطر بمرض فحكم الرجل والمرأة فيه سواء، فهل ينقطع التتابع به؟ قولان؛ فإذا قلنا لا ينقطع أو كانت الموالاة من حيث الوقت لا من حيث الشرط هل يلزمه قضاء ما أفطر بالمرض؟ فيه وجهان بناءً على القولين في الحائض؛ لأنه غير متمكن من صومه كالحائض، وإن كان لسفر ففيه طريقان؛ أحدهما: أنه كالمفطر بالمرض فيه وجهان. 48/ ب.
والثاني: أنه كالمفطر بغير عذر لقدرته على الصوم، وقد ذكرنا في كتاب "الظهار":