55/ أ في كل اثنين فإنه يصوم الشهرين المتتابعين ولا قضاء عليه، كما إذا صام شهر رمضان لا قضاء عليه. ومنهم من قال: لا فرق بينهما وعليه القضاء لأن أمكنه صيامها عن نذره فلم يصمها، ولو صامها عن النذر وقعت الموقع.
وقيل: هذا القول نقله الربيع وهو المذهب. وقال القاضي الطبري: الأول أصح؛ لأن الشافعي رضي الله عنه - صرح به هاهنا، فقال: "لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما وجب عليه صوم الاثنين" فدل على أن وجوب صوم الشهرين متأخر، وإن كان متقدماً لا تجئ هذه العلة، بل وجبت قبل النذر فلم ينصرف النذر إليها.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ امْرَأَةً فَهِيَ كالَّرَّجُلِ".
اعلم أن المرأة في نذرها كالرجل، فإذا نذرت أن تصوم اليوم الذي يقدم فيه فلا نأبداً ينعقد نذرها في الأيام المستقبلة، وفي اليوم الأول قولان كما في الرجل، فإذا وافق ذلك اليوم يوم حيضها فليس لها أن تصوم، وهل يلزمها القضاء؟ قولان:
أحدهما: لا يلزم؛ لأن هذا الزمان مستحق بلفظه.
والثاني: يلزم؛ لأنه يصح الصوم في هذا الزمان في الجملة، ولكن لا يصح منها لعارض عرض لها. ومن أصحابنا من قال قولاً واحداً لا يلزمها القضاء؛ لأن الحيض لا ينافي وجوب القضاء كما في رمضان، ولأن من قال لا يلزمها القضاء خرجه من أنه لا يلزمها قضاء يوم العيد في أحد القولين، وهذا التخريج لأن تحريم صوم يوم العيد عام في حق كل الناس، وتحريم الحيض خاص فيها. وقيل: التخريج صحيح والفرق ضعيف؛ لأن الشرع حرم عليها صوم زمان الحيض كما حرم عليها صوم زمان العيد، وسوى بينهما في نذر الزمانين أنه لا ينعقد 55/ ب فيستوي هذا أيضاً في هذا الحكم.
ومن أصحابنا من رتب فقال: إن قلنا يقضي أيام العيد هاهنا أولى، وإن قلنا لا يقضي فهنا قولان.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ قَالَتْ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَيَّامَ حَيْضِي فَلاَ يَلْزَمُهَا شَيءٌ؛ لأَنَّهَا نَذَرَتْ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ".
الفصل
جملته أنها إذا نذرت أن تصوم أيام حيضها لم ينعقد نذرها ولا يلزمها شيء بهذا النذر. وقال المزني: "هذا يدل على أنها لا تقضي نذر معصية"، وأراد به أنها إذا نذرت مطلقًا فوافق زمان الحيض، أو زمان العيد لا تقضي على ما اختار من القولين هناك.
قال أصحابنا: الفرق أنها لم تقصد هناك غير ما هو معصية بل قصدت القربة والطاعة؛ فإذا وافقت زمان المعصية يلزم القضاء كما في رمضان بخلاف ما إذا قصدت