نذر صوم الحيض بعينه. وحكي أن الربيع لما ذكر هذه المسألة قال: لا ينعقد نذرها ويلزمها كفارة يمين. قال: وفيه قول آخر أنه لا يلزمهم أن يكفر عن نذر المعصية بكفارة يمين وإن لم يكن في هذه المسألة قال أصحابنا: هذا قاله تخريجًا عن نفسه؛ لأن غيره لم يحكه ولا نقضيه أصول الشافعي، وكان الربيع إذا ألزم شيئًا يقول: وفيه قولاً آخر لقصوره عن الانفصال عنه، وإنما بروايته دون تخريجه، وتأويلها: روت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين"، أن يحمل على بذل اللجاج الذي يخير فيه بين الوفاء وكفارة اليمين؛ ولأن أصحاب الحديث قالوا: لم يثبت إسناده، واعتماده على سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث.
56/ أ فإن قيل: روى قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران البرجمي أن غلامًا لأبيه أبق، فجعل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده، فلما قدر عليه بعثني غلى عمران بن الحصين - رضي الله عنه - فسألته فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة وينهي عن المثلة، فقل لأبيك فليكفر عن يمينه وليتجاوز عن غلامه. وبعثني إلى سمرة - رضي الله عنه - فقال مثل ذلك. قيل: نحمله على الاستحباب بدليل أنه نذر ما لا يمكنه الوفاء به بحال فلا شيء عليه.
فرع
لو نذرت أن تصوم أيام حيضها صح النذر؛ لأنها جعلت أيام الحيض قدرًا ولم تجعلها زمانًا للصوم.
مسألة: قَالَ: "وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ صَوْمًا أَوْ صَلاَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا".
الفصل
جملة هذا أنه إذا نذر صومًا مطلقًا يلزمه صوم يوم واحد؛ لأنه أقل ما وقع عليه الاسم. وقاتل في "الحاوي": لو قيل: يلزمه صيام ثلاثة أيام كان مذهبًا؛ لأنه أقل صوم ورد فيس الشرع نصًا. ولو نذر صلاةً مطلقًا نقل المزني - رحمه الله - أنه يلزمه ركعتان، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد - رحمهما الله تعالى - في روايةٍ، ونقل الربيع يجزئه ركعة، وروي هذا عن أحمد. واتفق أصحابنا - رحمهم الله - على أن في المسألة قولان:
أحدهما: يلزمه ركعتان، وقيل: هذا أصح؛ لأن أقل صلاة مقصودة متبوعة في الشرع ركعتان، وهي صلاة الصبح وصلاة الوتر، وغن كانت ركعة فهي تابعة غير مقصودة فلا يعتبر ذلك كما لا يعتبر سجدة واحدة، وإن كانت صلاة شرعية وهي سجدة التلاوة.
والثاني: يلزمه ركعة؛ لأنها صلاة كاملة عندنا، ولا يعتبر بالمشروع؛ لأن المشروع