فَرْعٌ آخرُ
لو نسي الفاتحة حتى ركع الإمام، فيه ثلاثة أوجٍه:
أحدها: يركع معه ويعيد ركعةً في آخرها، وهو الأصح.
والثاني: يقرأها ويتابع الإمام، لأن النسيان عذرٌ كما لو تأخر عن الإمام بعذٍر.
والثالث: يقرأها وحكمه حكم من تخلف بغير عذر، لأن الناسي لا يخلو عن تفريط.
فَرْعٌ آخرُ
قال بعض أصحابنا: هل يسن للمأموم قراءة السورة؟ في ثلاثة أوجه، فإذا قلنا: يسنّ: هل يسنّ في الركعتين الأخيرتين؟ وجهان كالمنفرد.
مسألة: قال: "ثم يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله".
الفصل
وهذا كما قال: جملته أن الخروج من الصلاة ركن يتعين فيه السلام مع القدرة، ولا يقوم غيره مقامه، وبه قال الثوري وجماعٌة. وقال أبو حنيفة: الخروج من الصلاة واجبٌ، ولكن لا يتعين له السلام، فيخرج منها بكل ما ينافي الصلاة من فعله كالحدث ونحوه، ويسنّ أن يكون السلام، وهذا غلط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتحليلها التسليم"، ولأنه ذكر في أحد طرفي الصلاة، فكان واجبًا كالتكبير في أول الصلاة.
ثم أعلم أن التسليمة الأولى عندنا في الصلاة. وقال أصحاب أبي حنيفة: ليست من الصلاة، بل يخرج بها من الصلاة، وهذا غلط، لأنه ذكر شرع في محل 98 أ/ 2 من الصلاة، فلا يجوز أن يرد عليه ما يفسد الصلاة، فكان فيها، فإذا تقرر هذا، فالكلام فيه في فصلين:
أحدهما: في الكمال.
والثاني: في الإجزاء. فأمّا الكمال، فإن كان المسجد كبيرًا وكثر الناس واللغط في المسجد يسلم تسليمتين، تسليمة عن يمينه وتسليمة عن شماله، وإن كان المسجد صغيرًا أو كبيرًا وقلّ الناس فيه، فيه قولان في "القديم": يقتصر على تسليمة واحدة، لأنه بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سلّم واحدة، وأنه سلّم اثنين"، فيحمل على حالين.
وقال في "الأم": "يسلّم تسليمتين"، وهذا أصح لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لم أنسَ تسليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه وشماله: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله"، ولأنه زائد فكان أولى. وبه قال أبو بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب وعمار بن ياسر وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهم، وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحق رحمهم الله.