قال أصحابنا: لا نص فيه للشافعي لو اختلف أصحابنا فيها، فقال عامة أصحابنا: هي واجبة. وهو ظاهر نص القاضي في البويطيّ، 99 ب/ 2 فإنّه قال: ينوي بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة، وهو اختيار ابن أبي أحمد، وهذا لأنه ذكر في أحد طرفي الصلاة، فكان واجبًا كالطرف الآخر.
وقال أبو حفص بن الوكيل وجماعة من أصحابنا: لا يجب ذلك كما لا يجب عليه نية الخروج من الحج، وهذا لأن نية الصلاة في الابتداء قد اشتلمت على جميع أقوالها وأفعالها المشرعة فيها والسلام من جملتها، فلم يحتج إلى نيٍة منفردٍة، وهو اختيار القاضي الطبري، وهو الصحيح عندي، وعند مشايخ خراسان، ولهذا لو نوى الخروج من الصلاة من غير تعيين الصلاة التي هو فيها، يجوز بالإجماع، فلو كانت النية واجبة ي آخرها لوجب تعيينها كما في ابتدائها.
فَرْعٌ آخرُ
لو عيّن فأخطأ، قال بعض أصحابنا بخراسان: إن قلنا: نية الخروج لا تشترط لم يضره، وإن قلنا: تشترط لم يصحّ سلامة فيسجد للسهو ثم يسلم مرة أخرى، ولو تعمد إلى هذا بطلت صلاته. وعندي أنه لا يصح سلامه بحال على الوجهين جميعًا لأن نية الخروج وإن كانت لا تشترط فإذا أتى بها على الخلاف يمنع احتساب السلام.
فَرْعٌ آخرُ
إذا فرغ من السلام يستحب أن يدعو إمامًا كان أو منفردًا، والمستحب أن يكون الدعاء ما روى ابن الزبير رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلّم من صلاته، يقول بصوته الأعلى: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا نعيد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون".
وقال الشافعي في كتاب الصلاة: وبأي دعاء دعا جاز. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك يعود السلام"، وكلما أكثر من الدعاء بعد المكتوبة كان أحب إليّ رجاء الإجابة.
فَرْعٌ آخرُ
الأفضل الإخفات في هذا الدعاء إذا كان منفردًا أو مأمومًا والإمام ينظرُ 100 أ/ 2، فإن لم يكن بالناس حاجة إلى تعلمه، فالأفضل الإخفات أيضًا، وإن كان بهم حاجة إلى تعلمه، فالأفضل الإعلان بقدر ما يرى أنهم حفظوه، ثم يرجع إلى الإخفات، وعلى هذا يحمل جهر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا نريد الإخفات أن يذكر في قلبه بل ينطق بقدر ما يسمع نفسه.