قال الله تعالى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} الإسراء: 110، يعني: به الدعاء، ومعناه: لا تجهر برفع صوتك ولا تخافت بها حتى لا تسمع نفسك. قال الشافعي: وعامة الرواية سوى رواية ابن الزبير من غير ذكر الجهر.
فَرْعٌ آخرُ
قال بعض أصحابنا: يستحب إذا صلى الصبح أن يشتغل بذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لئن أجلس مع قوم يذكرون الله من الصبح إلى طلوع الشمس أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس"، الخبر.
مسألة: قال: "ويثب ساعة ما يسلم إلا أن يكون خلفه نساء فيثبت لينصرفن قبل الرجال".
وهذا كما قال: أراد به أن الإمام يسرع القيام ساعة السلام فعبّر عن سرعة قيامه بالوقوف، وإنما قال ذلك لخبر روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "إذا سلّم إمامكم ولم يقم فأنحوه، ولأنه لو أقام على حاله لا يأمن أن يلحقه السهو أو الشك في السلام، وربما يدخل داخلٌ فيعتقد أنه جالسٌ في الصلاة فيدخل معه، ثم إن كانت صلاة يُنتفّل عقبيها يثبت عقيب السلام، وإن كانت صلاة يلا ينتفل عقيبها يتحول عن مكانه أو ينصرف. وقيل: يقبل بوجهه على القوم إذا لم يرد الانصراف ولا التنفل ويتبعه المأموم في هذا، فإن مكث الإمام ولم يثبت فالمستحب للمأموم أن يتوقف ولا يقوم ويتبعه فإنه ربما يتذكر سهوًا فيسجد له فإن وثب وتركه، فلا شيء عليه.
قال في "الأم": "وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام وإن أخّر ذلك 100 ب/ 2 حتى ينصرف بعد الإمام أو معه كان ذلك أحبّ إليّ"، وقال في "الأم": "وإذا أراد الانصراف، فإن كان له حاجة انصرف حيث ما توجهت به حاجته يمينًا وشمالًا وتلقاء وجهه، ومن ورائه". والحاجة كالدخول إلى منزله.
وهذا يتصوّر إذا كان في مسجد له أبواب كثيرة، أو كان في فضاء، فإن كان للمسجد باب واحد خرج منه، وإذا خرج انصرف على ما ذكرناه، وإن لم يكن له حاجة، فالمستحب أن ينصرف عن يمينه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يحبّ التيامن في كل شيء".
وقال القفّال: "أراد بالانصراف عن اليمين أنه يقعد على الجانب من المحراب الذي كان يلي يمينه عند الاستقبال للقبلة والانصراف عن اليسار أن يقعد عن الجانب الآخر الذي كان يلي يساره عن استقباله"، وهذا هو المسنون عند أبي حنيفة، وعندنا ذلك هو