وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يكره إقامة الحدود في المسجد؛ لأنها أشهر نكالًا وأبلغ زجرًا، وأنها من حقوق الله تعالى، وهذا لا يصح لما ذكرنا. ولأنه إذا أقيم عليه الحد ربما يبول أو يتقاطر منه دم فيتلوث به المسجد، فلهذا كانت الكراهية فيه، وإن كان في إقامته تلويث المسجد مثل قطع اليد في السرقة ونحوه يحرم في المسجد.
فرع آخر
إذا سار القاضي إلى مجلسه سلم في الطريق على من يراه؛ لأن السنة أن يسلم الراكب على الماشي، والسائر على الجالس، والقليل على الكثير. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم".
فرع آخر
إذا دخل مجلسه سلم على القوم، وكذلك يفعل الخصمان إذا وصلا إليه، ويرد القاضي جواب السلام، فإن عطس القاضي شمتاه أو أحدهما، وإن عطس أحدهما شمته القاضي أو صاحبه.
فرع آخر
يصلي عند التأهب للجلوس ركعتين، فإن جلوسه في المسجد كانت الصلاة تحية تجوز في أوقات النهي، وإن كانت في غير المسجد لا يصليها في أوقات النهي.
فرع آخر
إذا فرغ من الركعتين دعا الله تعالى بالتوفيق والعصمة والتسديد، ويستحب أن يدعو بما روت أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته يقول: "اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أُزل، أو أضل، أو أضل، أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل 81/ أ أو يُجهل عليَّ".
وروي أن الشعبي كان يقولهن ويزيد عليهن: أو أعتدي أو يُعتدى عليَّ، اللهم أعنِّي بالعلم، وزيني بالحلم، وأكرمني بالتقوى حتى لا أنطق إلا بالحق، ولا أقضي إلا بالعدل.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: يستحب أن يقول هذا إذا جلس للحكم، ثم يشرع في نظره بعد استقبال القبلة، لا سيما إذا كان في المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير المجالس ما استقبل به القبلة".