تغضب". وروي أن شريحًا كان إذا جاع أو غضب قام فلم يقض.
وروي عن زياد بن أبي السكن أنه قال: دخلت على الشعبي عند طلوع الشمس وهو يأكل فقال: آخذ حلمي قبل الخروج إلى القضاء. وروي أنه كان يأكل قبل الفجر، فقيل له في ذلك فقال: آخذ حلمي ثم أخرج فأقضي بين الناس.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا غضب لنفسه، فإن غضب لحق الله تعالى فلا بأس أن يقضي في تلك الحالة؛ لما روي أن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- لما خاصم جارًا له في الماء، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسق زرعك ثم أرسل الماء إلى جارك" لوى خصمه شدقه، وقال: إن كان ابن عمتك، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، ثم قال للزبير: "احبس الماء حتى يبلغ الجدر" فقضي عليه في حال الغضب، وهذا غريب.
قال الشافعي رضي الله عنه: "وكل شيء يحدث في الإنسان ما يغير فهمه وخُلقه كالجوع الشديد والعطش، والفرح الشديد، 82/ أ والحر المزعج والبرد المؤلم، والغم الشديد، وكان يدافع الأخبثين، أو حضره العشاء ونفسه تتوق إليه، أو غلبة النعاس، فكل هذا في معنى الغضب فلا يقضي في هذه الأحوال، ولكن لو قضى فيها نفذ".
مسألة: قَالَ: "وَأَكْرَهُ لَهُ البَيْعَ وَالشِّرَاءَ خَوْفَ المُحَابَاةِ".
اعلم أنه يكره للقاضي أن يتولى البيع والشراء بنفسه؛ لأنه ربما يبتاع منه بنقصان أو يشتري منه بزيادةٍ، وذلك يجري مجرى الهبة والهدية، ويطلب بها الميل عند الحكم، وذلك محرم على القاضي.
وقال في "الأم": في مجلس الحكم أكره له هذا؛ لأن في مجلس الحكم علتين:
إحديهما: ما ذكرنا
والثانية: اشتغال قلبه. وفي غير مجلس الحكم علة واحدة، فتكون الكراهة أشد في مجلس الحكم.
فرع
قال: ويجوز أن يوكل إلى غيره ذلك، ولكن ينبغي أن يكون ذلك الوكيل منسوبًا.
فرع
قالَ: ويجوز أن يوكل إلى غيره ذلك، ولكن ينبغي أن يكون ذلك الوكيل منسوبًا إليه معروفًا به؛ لأن المحاباة تحصل كما تحصل لو باشر القاضي بنفسه، وإنما لا تحصل