ربما فعل ذلك ليضيق صدره، ثم إذا عاد يزيد في درجة النهي، وعلى هذا.
فرع
لو كان في لدده شتم وفحش وكان سفيهًا ضربه بالنعل وأطراف الثياب على مقداره، وإن كان شيخًا ساكتًا يمنع الحق ويخرج عن الواجب باللدد حبسه، فإن جمع 91/ أ في لدده بين الأمرين جاز أن يجمع في تعزيره بين الضرب والحبس.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: يضرب ضرب تأديب بالدرة ضربًا رقيقًا لا يؤلم ألمًا شديدًا ولا يضربه بالسوط لأنه ينكأ في البدن ولا يصنعه؛ لأنه بذله ولا يبطحه ولايمده.
فرع آخر
لو ردَّ على القاضي وأغلظ له القول، فإن رأى تأديبه فعل، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم التأديب في قصة الزبير مع الأنصاري حين قال: إن كان ابن عمتك. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم عزره حين قال للزبير: "أمر الماء على بطنه واحبسه حتى يبلغ الجدار"، وهذا القول منعه تعزيرًا. وروي أنه كان يقسم الصدقات، فقال له رجل: اعدل، فقال: "ويلك لم أعدل فمن يعدل". وهذا القول تعزيرًا، وفيه نزل قوله تعالى: "وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ" التوبة: 58 الآية.
فرع آخر
قال الشافعي رضي الله عنه: "وأحب أن لا يكون القاضي جبارًا عسوفًا عييًا ولا ضعيفًا مهينًا"؛ لأنه إن كان جبارًا تهيبه الخصوم فلا يتمكنون من استيفاء حجتهم، وإن كان مهينًا ضعيفًا انبسطوا بين يديه واستخفوا به، ولكن يكون بين أمرين معتدل الأحوال وقورًا، كما وصف أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- شديد من غير عنف، ولين من غير ضعف. وقال عمر رضي الله عنه: لا يصلح لأمور الأمة إلا رجل قوي من غير عنف، ولين من غير ضعف، لا يأخذه في الله لومة لائم".
مسألة
قَالَ: "وَيُشَاوِرُ، قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} آل عمران: 159 ". اعلم أنه إذا أراد القاضي أن يقضي، فإن كان يقضي في أمرٍ ظاهرٍ عليه نص كتابٍ، أو سنةٍ، أو إجماع أو قياسٍ، لا يحتمل إلا معنًى 91/ ب واحدًا لا يحتاج في ذلك إلى المشاورة، إنما ترد للاجتهاد والنظر، وهذا أمر ظاهر لا يحتاج فيه إلى الاجتهاد والنظر، وإن كان يقتضي في أمر خفي يحتاج فيه اجتهاد ونظر، يستحب له أن يشاور لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}.
قال الحسن البصري رحمه الله: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنيًا ولكن أراد أن يستن