يتلوه في صلاته من القرآن والأذكار دون غيره، فإذا جمع الناظر بين هذين الشيئين من العقل ولسان العرب صح منه النظر في الأصول.
واختلفوا في العبارة عن الأصل والفرع، فقيل: الأصل ما دل على غيره، والفرع ما دل عليه غيره، وقال آخرون: الأصل ما تفرع منه غيره والفرع ما تفرع عن غيره. ثم اعلم أن أصول الشرع أربعة؛ الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. فالأصل الأول: 95/ب كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال الله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} الجاثية: 29، وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} الأنعام: 38، وقال تعالى: {ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ} الشورى: 10.
وكلام الله يشتمل على ثلاثة وجوه؛ أمر، ونهي، وخبر، وليس فيه استخبار لعلمه بما كان وما يكون، وما ورد فيه على صيغة الاستخبار والاستفهام، فالمراد به تقرير أو عيد، ومن أصحابنا من حل ما فيه بأخص من هذه العبارة، فقال: لأنه يشتمل على إعلام وإلزام.
فالإعلام وعد أو عيد، وليس يخلو ما فيه من القصص من أن يراد به وعد أو عيد، والإلزام أمر ونهي، فالأمر ما تقيد بلفظه، والنهي ما تقيد بتركه.
والأمر ينقسم بالقرائن ثلاثة أقسام، واجب، واستحباب، ومباح، فإن تجرد عن قرينة كان محمولاً عند الشافعي على الوجوب إلا بدليل تصرفه عن ظاهره. وقال غيره: هو محمول على الاستحباب، وقال جماعة: هو موقوف، وما قاله الشافعي - رضي الله عنه = أولى لفرق ما بين ورود الأمر وعدمه.
والنهي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: تحريم، وكراهة، وتنزيه، فإن جرد عن قرينة؛ قال الشافعي: "يحمل على التحريم والفساد". والأمر يقتضي فعل المأمور به مرة واحدة، ولا يحمل على التكرار إلا بدليل. والنهي يقتضي ترك المنهي عنه دومًا. والنهي يقتضي الفور.
وفيما يقتضيه مطلق الأمر من الفور والتراخي وجهان؛ أحدهما: يحمل على الفور كالنهي، والثاني: على التراخي.
وقد يرد الأمر بلفظ الخبر كقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: 228.
ويجوز أن يتوجه إليه الفسخ. وقال قوم: لا يجوز كالخبر، وهذا فاسد لأنه في معنى الأمر، 96/أ ومطلق الأمر والنهي متوجه إلى جميع الأحرار من الرجال والنساء، وفي دخول العبيد فيها ثلاثة أوجه: