أحدها: يدخلون فيه لتوجه التكليف إليهم.
والثاني: لا يدخلون فيه إلا بدليل؛ لأنهم أتباع الأحرار.
والثالث: إن تضمن الخطاب تعبدًا توجه إليهم، وإن تضمن ملكًا أو عقدًا أو ولاية لم يدخلوا فيه.
وإذا ورد الخطاب باللفظ المذكور لا يدخل النساء فيه إلا بدليل، كما لو ورد بلفظ المؤنث لا يدخل فيه الرجال إلا بدليل، وهذا متفق عليه، وهذا مختلف فيه.
وما تضمنته شرائع من قبلنا فما لم يقصه الله تعالى علينا لم يلزمنا حكمه لانتقاء العلم بصحته، وأما ما قصه علينا في كتابه العزيز يلزمنا منه ما شرعه إبراهيم - عليه السلام - لقوله تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) النحل: 123. وفي لزوم ما شرعه غيره من الأنبياء وجهان؛ أحدهما: يلزم لكونه حقًا ما لم يقم دليل على نسخه.
والثاني: لا يلزم لكونه منسوخًا.
فصل
اعلم أن الذي يشتمل عليه نصوص الكتاب في الأحكام خمسمائة آية، وهي تنقسم ستة أقسام:
أحدها: العموم والخصوص، فالعموم الجمع والاشتراك، وأقل الجمع ثلاثة، ومن جعل أقل الجمع اثنين جعلها أقل العموم والخصوص هو الانفراد، وأقل الخصوص واحد، ويجوز أن يكون الخصوص مخرجًا لأقل العموم إذا انطلق على الباقي اسم العموم كالاستثناء، ويكون المخصوص غير مراد بالعموم خلاف النسخ، ويصير المراد بالعموم هو الباقي منه بعد الخصوص. ويجوز تخصيص العموم المؤكد كما يجوز تخصيص العموم المطلق. وقال بعض العلماء. لا يخصص المؤكد منه، وهذا غلط لوجود الاحتمال بعد التأكيد كوجوده من قبل. ثم العموم ثلاثة أحوال: 96/ب أحدها: أن يقترن به من الدلائل أو الشواهد ما يوجب حمله على العموم، كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} النساء: 23 الآية، فهو محمول على العموم في تحريم الأمهات والبنات من تخصيص.
والثانية: أن يقترن به ما يدل على تخصيصه كقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} المائدة: 33 ثم قال {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} المائدة: 34 الآية.
والثالثة: أن يطلق، قال أهل الظاهر: لا صيغة للعموم توجب العمل بها، والواجب فيه التوقف حتى يقوم دليل على المراد بها كالمجمل. وقال بعض المتكلمين: يجب استعماله على عمومه ما لم يقم دليل على تخصيصه من غير نظر ولا اجتهاد امتثالاً لموجب الأمر. وقال أهل العراق إنه قبل التخصيص مستعمل على عمومه منغير اجتهاد ولا نظر، وبعد التخصيص مجمل لا يستعمل إلا بعد البيان؛ لأنه قبل