في ثلاثة أوصافٍ؛ صحة بصره, وصحة سمعه, وسلامة لسانه. فجملة الأوصاف المعتبرة في كمال نفسه؛ البلوغ, والعقل, والسمع, والبصر, والنطق.
والشرط الثاني: الذكورة.
والثالث: الحرية.
والرابع: الإسلام.
والخامس: العدالة, وهو أن يكون صادق اللهجة, ظاهر الأمانة, عفيفًا عن المحارم, متوقيًا للمآثم, بعيدًا 149/ أ من الريب, مأمونًا في الرضا والغضب, مستعملًا لمرؤة مثله في دينه ودنياه.
والسادس: أن يكون عالمًا بالأحكام الشرعية, وعلمه بها يشتمل على أمرين؛ أن يكون عالمًا بما قدمناه من أصولها.
والثاني: أن يكون عالمًا بفروعها فيما انعقد عليه إجماع أو حصل فيه اختلاف, فيتبع الإجماع ويجتهد في الاختلاف, ليصير بذلك من أهل الاجتهاد في الدين.
والسابع: أن يكون عالمًا بما قدمناه من أصول الشرع الأربعة, فإن كان ممن يعدل في بعضها ويعتقد إبطال شيء منها, فقد ذكرنا الحكم إذا كان لا يقول بخبر الواحد أو الإجماع أو القياس حيث الحكم.
فرع آخر
يشترط في الإمام ما يشترط في القاضي, وزيادة وهي أن يكون قريشيًا, ويعرف تدبير الحروب ووجوه المغانم, ومصرف الصدقات, ولا يجوز أن يكون أعور بخلاف القاضي.
مسألة: قَالَ: وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَحْسِنَ بِغَيْرِ قِيَاسٍ, وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أنْ يُشْرعَ فِي الدِّينِ.
اعلم أنه لا يجوز الحكم بالاستحسان, والاستحسان هو القول بالشيء من غير حجةٍ ودليل, ولكن بغالب الظن والحسن في العقل.
وحكي الشافعي- رضي الله عنه- عن أبي حنيفة- رحمه الله- أنه أجاز الحكم به, وهذا غلط ظاهر؛ لأن الله تعالى قال: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ {النساء: 59 الآية, فجعل الأحسن ما كان مأخوذًا من أوامر الله تعالى ورسوله- صل الله عليه وسلم-, فإن في الظن والاستحسان اتباع الهوى, وقد قال تعالى:} وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ {ص: 26 الآية. وأيضًا فإنه لو كان الاستحسان بالعقل مغنيًا عن أحكام الشرع, وعن أصول الشرع, لاستغنى بعقله عن الأمر والنهي واجمعنا على خلافه. 149/ ب وأيضًا قال الشافعي- رضي الله عنه-: لو جاز ذلك لجاز أن يشرع في الدين ومعناه: