وواضح, وخفي. ومنهم من قال على أربعة أضرب, والرابع قياس علة الشبة. والجلي على أضربٍ منها: التنبيه.
والثاني: ما ثبت معناه في الأصل بالإجماع مثل قياس العمياء على العوراء في الأضحية.
والثالث: ما ثبت معناه في الأصل بالنص, مثل قوله تعالى:} وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً {إلى قوله: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ {النساء: 20,21 , فجعل العلة فيه الإفضاء, فإذا كان المهر أقل من القنطار أو أكثر لا يجوز لها أخذه إذا وجد الإفضاء. ومن جملة هذا قياس سائر الزناة على ماعز بن مالك, وسائر المفرطين بالجماع على الأعرابي المجامع, وسائر المستحاضات على فاطمة بنت أبي حبيش, وتخيير المعتقات على بريرة, وقياس الأمة على العبد إذا أعتق شركًا منها 150/ ب وغير ذلك, فإن المعاني التي حكم النبي- صل الله عليه وسلم- فيهم لها بمنزلة المنصوص عليه, وذكر تلك المعاني يدل على أنها العلة.
والرابع: ما ثبت معناه بالتأثير, فيدل ذلك على تعلقه به, وهو مثل علة تحريم الخمر؛ فلأن العصير حلال إذا وجدت الشدة المطربة حُرم, فإذا زالت الشدة حل, فلو قدرنا عود الشدة قدرنا عود التحريم, فيدل ذلك على أن التحريم تابع للشدة المطربة. ومن أصحابنا من قال: هذه العلة ثابتة بالنص بقوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ {المائدة: 91 الآية, فاخبر عن النهي لما فيه من الصد عن الصلاة, وعن الذكر, وهذا يتعلق بما من الشدة المطربة.
والصحيح أن يقال: هذه العلة ثابتة بالنص والتأثير معًا ولا يمنع مثل ذلك, ومن جملة ذلك قياس العبد على الأمة في تضعيف الحد للرق, وهذا المعنى قد ثبت بالتأثير؛ لأنا وجدنا الأمة إذا زنت كان حدها ناقصًا, وإذا عتقت ثم زنت كان حدها كاملًا, ولو كانت كتابية فلحقت بدار الحرب بعد الحرية ثم استرقت كان حدها ناقصًا, فثبت أن نقصان الحد يتعلق بالرق, وقد وجد هذا المعنى في العبد وكان حده ناقصًا. فهذا الذي ذكرنا كله أقسام القياس الجلي, وبعضها أجلي من بعض, وهو مراد الشافعي- رضي الله- عنه بقوله: "أن يكون في معنى الأصل, وإذا حكم الحاكم بخلاف هذا وجب أن ينقض ويخص بكلها العموم". وعلى قول ابن أبي هريرة تفسخ كلها.
وأما القياس الواضح: فهو القياس في الأحكام 151/ أ بالعلل المستنبطة, مثل علة الربا وغيره؛ لان يحتمل الصحة في هذا القياس ويحتمل غيره, فلا ينتقض به الحكم؛ لأنه لا يجوز نقض الحكم بالمحتمل.
وذكر ابن أبي أحمد: أن قياس الأرز على الحنطة في الربا من النوع الأول, فينقض به الحكم. وقال القاضي الطبري: هذا أيضًا ما ثبت معناه بالتأثير, ولكنه أخفي مما تقدم, وذلك أنَّا نقول: إن العلة في الأربعة المنصوصة الطعم, وقيل: الكيل, وقيل: