يدعيه عليه, فإن أقرّ أنه قضى بشهادة فاسقين أو عبدين ألزمه الحق؛ لأنه أقرّ أنه قضى عليه بغير حق, وإن أنكر ذلك فالقول قوله, وهل يحنث؟
قال الإصطخري وابن أبي أحمد: لا يحلف؛ لأن الحاكم لا يكون إلا أمينًا عفيفًا من أهل الاجتهاد, فالظاهر من فعله الصحة والصواب, ولأنه يؤدي إلى الامتهان, والسائل وأعداء القاضي كثير, ولا يؤمن أن يتقلدا القضاء خوفًا من هذه. وقال أصحابنا: يحلف وهو الصحيح؛ لان أكثر ما فيه أنه أمين, والأمين إذا ادعى عليه خيانة فالقول قوله مع اليمين كالمودع.
فرع
قال ابن أبي أحمد: إذا ادعى على الحاكم المعزول 157/ ب أنه قتل ابنه ظلمًا يحضر ويُسأل, فإن اعترف به ثبت عليه ما ادعاه, وإن أنكره كان على المدعي البينة, فإن أقامها على إقراره أنه قتله ظلمَا قُبلت, إن لم يكن له بينة لم يحلف.
وإن قال: قتلت ابنك لفلانٍ بالحكم لقصاص وجب عليه ببينةٍ قامت عليه بالقتل, أو إقرار كان من ابنك, فقال المدعي: ما أقرَّ ابني ولا قامت عليه ببينة بالقتل, فالقول قول المعزول في ذلك, وهو مصدق ولا يمين عليه, ولا يسمع من المدعي بينة إلا أن يقيم بينة على إقراره على ما ذكرنا. وكذلك لو حضر الذي ذكر المعزول أنه حكم له بالقصاص, فقال: ما حكمت لي بشيء, ولا وجب لي على ابنه قصاص, ولا ترافعنا إليك في الخصومة.
وكذلك القاضي إذا حكم بشهادة شاهدين بطلاقٍ أو قتلٍ أو عتاقٍ, فادعى المحكوم عليه على الشاهد أنه شهد عليه في ذلك بزورٍ, فإن أقرّ الشاهد أخذ بإقراره وإن أنكر لم يكن عليه يمين.
وقال صاحب "الإفصاح": ويتهيأ أن يقال: لا تسمع هذه الدعوى؛ لأن الظاهر من حاله السلامة, فدعواه عليه طعن فيه, ولهذا لا يحلفه على دعواه هذه, فإذا لم يحلفه لم تسمع الدعوى, ويجيء فيه الوجه الآخر الذي ذكرنا أنه يحلف.
فرع آخر
قال: ولو قال المدعي: أخرج عقارًا أو عينًا من يدي ودفعها إلى فلانٍ بغير حق, فقال المعزول: فعلت هذا بحق وجب عليك ببينةٍ أو إقرارٍ, كان القول قول المعزول بلا يمين.
وأما الذي في يده فإن صدق القاضي أنه حكم له بذلك لم يقبل قوله ولا قول المعزول له إلا أن يقيم البينة أن المعزول كان حكم له بذلك وهو قاضٍ؛ لأن قول المعزول بعد عزله: كنت حكمت لفلان بكذا لا يقبل إلا أن يأتي المحكوم له ببينةٍ, 158/ أ فإن لم يكن له بينة انتزع من يده ولو كان الذي يدعيه الطالب مستهلكًا فحكمه حكم العين على ما قدمناه. وحكي الخصاف عن أبي حنيفة أن القول قول (المدعى)