والثاني: أن يقتصر على رقعتين فيهما ذكر الشاهدين, فيدفع إحداهما إلى أحد المزكين فتصير التزكية فيهما مسموعة من مزكيين.
فرع آخر
اعلم أنه قد يسمى أصحاب المسائل المزكين, وإذا توجه بها أصحاب المسائل المزكون كان أول ما سألوا عمن شهدوا له, فإن ذكروا أن بينهم وبينه ما يمنع من شهادتهم عليه لم يسألوا عما عداه, وإن ذكروا جواز شهادتهم له سألوا عمن شهدوا عليه, فإن ذكروا ما يمنع من شهادتهم عليه لم يسألوا عما عداه, وإن ذكروا جواز شهادتهم له ذكروا القدر الذي شهدوا به. ثم على أصحاب المسائل أن يشهدوا عند الحاكم 163/ أ بما عرفوه من هذه الأحوال الأربع إن اجتمعت أو افترقت, فإن لكل واحدة منهن حكمًا في غير هذه القضية وأن اعتبار جميعها في هذه القضية.
مسألة: قَالَ: "وَلَا يَقْبَلُ المسألة عَنْهُ وَلاَ تجريحهَ إِلاً مِنَ اثْنَيْنِ".
اختلف أصحابنا في تأويل هذا,, فقال أبو إسحاق: أراد به المزكين دون أصحاب المسائل؛ لان الاعتماد على المزكين دون أصحاب المسائل, فيجوز أن يكون صاحب المسألة واحدًا فيبعثه ليسأل, فإن عاد وأخبر بالجرح توقف الحاكم ولا يستدعي الجارح؛ لأن في ذلك فضيحة الشاهدين, والقصد معرفة عدالتهم لا فضيحتهم ولكن يقول للخصم زد في شهودك, وإن عاد وعدل لم يعتمد على قوله ويستدعي المزكي ويسأله عن ذلك حتى يخبره مشافهةً ولا يقبل ذلك إلا من مزكي على ما قاله الشافعي رضي الله عنه.
وقال الإصطخري: المراد بذلك أصحاب المسائل, فيحتاج أن يكونوا اثنين كالمزكين, فإذا أخبرا بالجرح والتعديل عمل على ذلك ولا يحتاج إلى حضور المزكين, وإن كان كالشهادة على الشهود؛ لأنه موضع حاجة لأنه لا يلزم المزكي أن يحضر عند الحاكم لتزكية وليس للحاكم إجباره على ذلك, فصار ذلك كالمرض والغيبة في سائر الشهادات وهذا هو المنصوص, وذلك خلاف نص الشافعي؛ لأنه قال: ويمضي من كل واحدٍ منهما ما رفعه إلى الآخر, وهذا إنما يكون في أصحاب المسائل دون المزكين, ولان العدد لا يسقط في الشهادة على الشهادة فكذلك هنا؛ لأن ذلك شهادة على المزكي, وبهذا قال أحمد.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز أن يكون المزكي 163/ أ واحدًا؛ لأن التزكية ليس من شرطها لفظ الشهادة, فلم يفتقر إلى العدد كرواية الأخبار, وهذا لا يصح كما ذكرنا؛ لأنه وافقنا أنه لو جرح الشاهد بواحدٍ وعدل باثنين فالتعديل أولى, فدل أن قول