والرابع: مبلغ الحق؛ لأن الإنسان طابت نفسه بتعديل اليسير, ولم تطلب نفسه بتعديل الكثير, فيكون ذكره للمزكي أولى.
ويأمرهم أن يسألوا عنه في جيرانه وسوقه وموضع مصلاه, وهو بالخيار أن يطلق فيقول: سلوا من شئتم, وبين أن يعين فيقول: سلوا فلانًا وفلانًا. ومن أصحابنا من قال: يعتبر في أصحاب مسائله سبعة أوصاف:
أحدهما: أن يكونوا جامعين في الطعمة والأنفس والعفاف في الطعمة, أن لا يأكلوا الحرام والشبهة, فيدعوهم إلى قبول الرشوة, والعفاف في الأنفس أن لا يقدموا على ارتكاب محظور.
والثاني: أن يكونوا وافري العقول ليصلوا إلى غوامض الأمور بلطف, ولا ينفذ عليهم خداع ولا صلة.
والثالث: أن يكونوا براء من الشحناء.
والرابع: أن لا يكونوا من أهل الأهواء والعصيبة في نسبٍ أو مذهب فيميل مع موافقة في تحسين قبيحه ويميل على مخالفة في تقبيح حسنه.
والخامس: أن يكون بعيدًا من مماطلة الناس وهي اللجاج؛ لأن اللجوج ينصر هواه ويرتكب ما يهواه, ولا يرجع عن الخطأ وإن ظهر له الصواب, فلم يوثق بلجاجه أن يعدل مجروحًا وأن يحرج معدلًا.
والسادس: أن يكون جامعًا للأمانة ليورد بأمانته ما عرف ويتأول فيه ما يصرفه 162/ ب عن أقوى الأمرين إلى أضعفها وعن أظهر الحالين إلى أخفاهما.
والسابع: أن لا يسترسل فيسأل عدوًا منابذًا أو صديقًا مواصلًا؛ لأن العدو يظهر القبيح ويخفي الحسن, والصديق يظهر الحسن ويخفي القبيح.
قال: ويؤمر بأن لا يعرفوا عند أربعة أصنافٍ المشهود له حتى لا يحتال في تعديل شهوده وعند المشهود عليه حتى لا يجري في جرح شهوده, وعند الشهود حتى لا يحتالوا في تعديل أنفسهم, وعند المزكين عن المشهود حتى لا يحتال لهم الأعداء في الجرح والأصدقاء في التعديل. ذكره في "الحاوي".
ولو سأل عن صديقه المعافي فعدله فلا بأس؛ لان شهادته له مقبولة وقد بينا أن لا يفعل ذلك.
فرع
الحاكم مخير بين أمرين؛ أحدهما: وهو الأحوط, أن يكتب بذلك أربع رقاع يرفع منها أخرتين إلى مزكيين ليسألا عن الشاهد الآخر يزكيه كل واحد من الشاهدين مزكيين ويصير المزكون أربعة.