مستحق على الحاكم, فوجب أن يكون الكشف عنهما مستحقًا عليه.
فرع
لو اعترف المشهود عليه بعد التهمة, فهل يجب الحكم عليه بشهادتهم؟ فيه وجهان: أحدهما: يحكم عليه؛ لأن البحث عن عدالته معتبر في حقه وهو قد اعترف.
والثاني: لا يحكم عليه؛ لأن في الحكم بشهادتهم حكمًا بعد التهم فلا يجوز أن يحكم بها بتزكية الخصم.
ولأن اعتبار التعديل في الشاهد 161/ ب حق الله تعالى فلا يترك بقول الخصم, كما لو رضي الخصم أن يحكم عليه بشهادة الفاسق لا يجوز له أن يحكم به.
مسألة: قال: "وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُ مَسَائِلِهِ جَامِعِينَ لِلْعَفَافِ".
الفصل
أراد بأصحاب المسائل المزكين, وشرط الشافعي رضي الله عنه فيهم ثلاث شرائط: العفة والأمانة لئلا يرتشوا.
والثاني: وفو العقل لئلا يخدعوا ولا يميلوا للعدو مع عدوه بتحرجه ويخفي جميله ويظهر قبحه, ولا صديقًا له فيظهر جميله ويخفي قبحه, وقلما يخلو المسلم عن قبيح وحسن.
والثالث: البراءة من الشحناء والبغضاء والعداوة بينهم بالعصبية, لئلا يجرح من لا يوافقه في مذهبه, ويعدل من يوافقه, ويسأل من يعدله بالموافقة ويجرحه بالمخالفة.
وأما قول المزني: وَأنْ يَكُونُوا جَامِعينَ للأَمَانَةِ فِي أَدْيَانِهِمْ لاَ يَتَعَطَّلُونَ بأَنْ يَسْأَلُوا الرَّجُلَ عَنْ عَدوِّهِ فَيُخْفِي حَسَنًا وَيَقُولَ قَبِيحًا شرحه الشافعي رضي الله عنه في "الأم" فقال: وأن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم, وأن يكونوا أهل عقول لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه فيخفي حسنه ويقول قبيحًا, فيكون ذلك جرحًا عنده. فأفسده المزني بالاختصار فقال: جامعين الأمانة في أديانهم لا يتعطلون بأن يسألوا, وهذا لا يشبه بعضه بعضًا, والصحيح ما قال في "الأم". ثم قال: ويحرص أن لا يعرف له صاحب مسألة, يعني المزني, لا ينبغي أن يكون معروفًا فيحتال إليه بالرشوة والإخداع.
قال: وإذا كتب لهم كتاب السؤال يكتب صفات الشهود 162/ أ على ما وصفنا ويكتب اسم من شهدوا عليه واسم من شهدوا له, ومبلغ ما شهدوا به, وهذا ينسخ من المحضر الذي عقده بدعوى المدعي على المدعى عليه, وأقل ما يكتب أربعة أشياء: ذكر الشهود بأسمائهم وأنسابهم وصفاتهم ومساكنهم وأسواقهم على ما ذكرنا.
والثاني: ذكر المشهود له باسمه ونسبه لئلا يكون والدًا ونحوه.
والثالث: ذكر من شهدوا عليه لئلا يكون عدوًا يشهد على عدوه.