فربما وقع في نفسه صدق الواحد وربما ارتاب باثنين فيلزمه أن يستزيد، ويجوز لأصحاب المسائل أن يسألوا الجارح من أين علم تعديله وجرحه، ولا يجوز للحاكم أن يسأل أصحاب المسائل من أين علمتم الجرح والتعديل، وهذا اختيار الإصطخري. 164/ ب.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق أن يشهد بالجرح والتعديل هم من عرفهم من الجيران وأهل الخبرة، ويكون أصحاب مسائلة فيها، لأن الشهادة سميت بذلك مسموعة من أهل المعرفة الباطنة وهو الجيران دون أصحاب المسائل، ولأن شهادة أصحاب المسائل كالشهادة على الشهادة، وهي لا تسمع مع القدرة على شهود الأصل.
فعلى هذا كان ما يذكره أصحاب المسائل خبراً يجوز أن يقتصر فيه على قول الواحد بلفظ الخبر دون الشهادة، ويذكر الحاكم بالجرح والتعديل، ثم يسمع بالتعديل والجرح من الجيران وأهل الخبرة على شرط الشهادة.
فرع آخر
إذا شهد شاهدان من أصحاب مسائلة ومن الجيران على ما قدمناه من الوجهين بتعديل أحد شاهدي الأصل، جاز أن يشهد بتعديل الشاهد الآخر قولاً واحداً وإن كان في الشهادة على الشهادة قولان. والفرق أن في الشهادة على الشهادة هما فرع الأصل في التزكية فهما شاهدان على الأصل.
فرع آخر
لو شهد اثنان بجرحه في سنة أو في بلد، ثم شهد اثنان بتعديله في سنة بعدها، أو في بلد آخر انتقل إليه حكم تعديله لأنه قد يتوب وينتقل عن الفسق إلى العدالة، والتوبة ترفع المعصية ولا يقدم التعديل على الجرح إلا في هذه المسألة.
فرع آخر
لو بعث بذلك إلى المزكي فعدلهم ى يقبل التعديل بالكتاب حتى يحضر المزكي فيشير إليه أن الذين عدلتهم هؤلاء، لأنه ربما يلبس عليه بالكتاب، والتزكية 165/ أ نوع شهادة فلا تقبل بالكتاب، ذكره أصحابنا رحمهم الله.
مسألة: قال: "ولا أقبل الجرح إلا بالمعاينة أو السماع".
أراد به صاحب المسألة إذا أخبر بالجرح لا يقبل إلا أن يضيف إلى نفسه رؤية ما يجرح، أو يستفيض ذلك في الناس، ويخبره كل من سأله بفسقه، وهذا لأنه لا يصير عالما بذلك إلا بالشهادة أو بالسماع أو بالمشاهدة يحصل العلم، وكذلك بالسماع المتواتر، فإن لم يكن متواترا ولكنه شاع في الناس، يجوز أن يؤدي الشهادة مطلقا كما يشهد بالموت والنسب بالاستفاضة، وإن كان خبر الواحد والعشرة لا يصير عالماً به،