رجل بخلاف المال وهذا بعيد عن أصحابنا.
مسألة:
قال: "ولو قال: زنا فرجك أو يدك ورجلك فهو قذف".
الفصل:
اعلم أن الشافعي رضي الله عنه قال في القديم: لو قال لامرأته: زنى فرجك فهو قاذف، ولو قال: يدك أو يديك أو رجلك، قال بعض الناس في القذف هو قاذف وفي اليد والرجل لا يكون قاذفًا ولا في العين، قال الشافعي: وهذا كله ما عدا الفرج واحد.
قال أبو إسحاق: لما قال هذا كله ما عدا الفرج واحد دل على أنه لم يجعله قذفًا وأراد بقوله بعض الناس أبا حنيفة، ونقل المزني في "الجامع الكبير" مثل ما ذكره الشافعي في القديم، واختار أنه إذا قال: "زنى بدنك كان قذفًا" وإذا قال: زنى يدرك أو رجلك لا يكون قاذفًا، وقول الشافعي بعد هذا: "وكلما قاله فكان شبه القذف إذا احتمل غيره لم يكن قذفًا" يدل على أن المزني غلط في نقله لأن قوله: زنى يدك أو رجلك يحتمل زنى المشي وزنى اللمس وفي النظر يحتمل زنى العين كما قال صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان واليدان تزنيان (ق 26 أ) والرجلان تزنيان ويصدقهما الفرج أو يكذبهما".
وقال ابن أبي هريرة: غلط المزني فيما نقله، ولم يذكر الشافعي هذه المسألة إلا في القديم، وظاهر كلامه فيه يدل على أنه ليس بقذف، ولعل ما حكاه المزني في اليد والرجل مذهب مالك.
ومن أصحابنا من صحح ما نقله المزني في اليد والرجل، وقال: يكون صريحًا في القذف لأنه أضاف الزنى إلى عضو منها، فأشبه قوله زنى فرجك، ولأنه لا فرق في الطلاق والظهار بين الإضافة إلى اليد والفرج، فكذلك في القذف. وجملة المذهب أنه إذا قال لها: زنى فرجك كان قذفًا، ولو قال: زنى يدك أو رجلك أو عينك فالمذهب أنه كناية في القذف، وفيه وجه آخر وقول آخر: أنه صريح في القذف وهو ضعيف.
وقال صاحب "الحاوي": الوجهان في اليد والرجل والرأس فأما إذا قال: زنت عينك لا يكون قذفًا وجهًا واحدًا، ولو قال: زنى بدنك فيه وجهان أيضًا، ولأن البدن بعض من الجملة، والصحيح والمذهب ههنا أنه يكون قذفًا. وبه قال ابن سريج: وهو مذهب أبي حنيفة، لأنه لا فرق بين قوله: زنيت وبين قوله: زنى بدنك؛ لأنه أضاف القذف إلى جملتها، ولأن البدن هو الجملة التي منها الفرج، وعن أبي حنيفة في الرأس أنه يكون قذفًا،