فاعتبر العضو الذي لا يبقى البدن بدونه، ولو قال: زنى فرجي كان إقرارًا بالزنى قولاً واحدًا. ولو قال: زنى يدي أو رجلي أو عيني لم يكن إقرارًا بالزنى لا يختلف أصحابنا فيه.
فإذا تقرر هذا فكل ما قلنا إنه صريح في القذف إذا ذكره حمل على القذف ولا ينوي فيه، وكل ما قلنا إنه كناية، فإن قال: لم أرد به القذف قُبل منه مع يمينه (ق 26 ب) وإذا قال: أردت القذف قُبل منه لأنه محتمل.
مسألة:
قال: "وكلما قاله وكان يشبه القذف إذا احتمل غيره لم يكن قذفًا".
قصد به الرد على مالك حيث قال: التعريض في القذف كالصريح مثل أن يقول في حال الغضب لمن شاتمه يا ابن الحلال وما شاكل ذلك، مثل أن يقول: ما أنا بزاني ولا أمي بزانية وما أحسن ذكر أمك في الجيران، وإن قال ذلك في حال الرضا، وبه قال إسحاق، وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وعندنا لا يكون هذا قذفًا، وبه قال أبو حنيفة، والدليل على هذا ما احتج به الشافعي أن رجلاً من غزارة.
قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلامًا أسود فجعله النبي صلى الله عليه وسلم قذفًا. وقال الله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} البقرة: 235 فكان التعريض خلاف التصريح كذلك ههنا.
وروي أن رجلاً قال: يا رسول الله إن امرأتي لا ترد يد لامس. الخبر. وهذا تعريض ولم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم قذفًا؛ ولأنه لو قال الرجل: ما زنيت لم يكن إقرارًا فكذلك إذا قال لغيره: أنت ما زنيت لم يكن إقرارًا واحتج مالك بأن عمر رضي الله عنه جلد في التعريض جلدًا تامًا، ولأن دلالة الحال تقوم مقام القصد والنية، فإذا انضمت إلى التعريض كان بمنزلة التصريح. قلنا: روينا عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: من عرض عرضنا ومن صرح صرحنا. وأراد بقوله عرضنا له العقوبة دون الحد، ولأنه لا اعتبار بدلالة الحال؛ لأن الحد (ق 27 أ) يسقط بالشبهة، وفي التعريض شبهة ظاهرة. فإذا تقرر هذا ذكر الشافعي في الأم أنه إذا قال: يا فاجرة، ويا فاسقة، ويا غلمة، ويا شبقة كله تعريض إن أراد به القذف كان قذفًا.
قال القفال: وكذلك لو قال: يا خبيثة يا قوادة يا مواجرة لا يكون صريحًا. ولو قال: ما أحسن وجهك أو بارك الله عليك لا يكون قذفًا، وإن نواه؛ لأنه لا يحتمل القذف.
فرع:
لو قال الرجل: يا لوطي كان كناية، وفيه وجه آخر أنه صريح. وكذلك لو قال: