المار فلا يمكن الخشوع، فعلى هذا لو صلى في قارعة الطريق لا يمرّ أحد فيها، هل يكره؟ فيه وجهان.
وأمّا في معاطن الإبل وظهر بيت الله الحرام فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
فصل في الخشوع في الصلاة
قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} المؤمنون: 2ـ فدل ترك الخشوع على عدم الفلاح. وروى شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أول ما يرفع من الناس الخشوع"، وهذا كالمشاهد في زماننا هذا، لأنهم يقتصرون على الجائز والمباح.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من هانت عليه صلاته كان على الله أهون" والخشوع أن يفعل ما أمر به، ويجتنب ما نهي عنه، وأن يخلي نفسه من حديث النفس 111 ب/ 2 وأفكار الدنيا. وكان علي رضي الله عنه "إذا دخل عليه وقت الصلاة يصفرّ وجهه تارةٌ ويخضرّ تارةً، ويقول: أتتني الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال، فأبين أني حملها وأشفقن منها وحملتها أنا، فلا أدري أُسيء فيها أن أُحسن؟ ".
وروي أنه قيل له: إنك تلقى الأقران وتشهد الحروب، ولا نرى بك ما نرى عند الصلاة؟ فقال هذا.
وقال عبد الله بن الشخير رضي الله عنه: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء". والأزيز الالتهاب والحركة.
وروى أبو داود "في صدره أزيز كأزيز الرحا من البكاء"، وأزيز الرحا صوتها وحركتها.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقبل الله صلاة امرئ لا يحضر فيها قلبه". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن رجلين من أمتي يصليان ركوعهما واحدٌ وسجودهما واحدٌ وما بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ومن الخشوع أن ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده وفي حال جلوسه إلى حجره".
وقال مالك: "الخشوع أن ينظر تلقاء وجهه" وما قلناه أولى لوجهين:
أحدهما: أنه مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن خلفائه.
والثاني: أنه أغضّن لطرفه وأجزى أن لا يشغل عن صلاته.
ومن الخشوع أن يكون المصلي قريبًا من محرابه ليصده عن مشاهدة ما يلهي ويمنعه من مرور ما يؤذي. لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ارهقوا