الحيض قدر طهر يعني خمسة عشر يومًا فصاعدًا, فقول الأصطخري مخالف نص الشافعي بكل حالٍ, وإن رأت الدم في الثالثة لحظة ثم ارتفع يومًا أو يومين ولم يبلغ أقل الطهر, ثم عاودها الدم وكان الزمان يبلغان يومًا وليلة كان الكل حيضًا وانقضت به العدة, وهذا على القولين في التلفيق, وقد شرحناه في كتاب الحيض. وجملة الكلام ههنا أنَّا إذا جعلنا الدم حيضًا حكمنا بانقضاء عدتها برؤيته, وإذا لم نجعله حيضًا لم نحكم.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ طَبَقَ عَلَيْهَا الدَّم, فَإِنْ كَانَ دَمًا يَنْفَصِلُ فَيَكُونُ فِي أَيَّامِ أَحْمَرَ قَانِيًا مُحْتَدِمًا كَثِيرًا وَفِي أَيَّامِ بَعْدَهُ رَقِيقًا".
الفصل:
أراد به أنها إن كانت مميزة ردت إلى التمييز. والاحتدام: أن يخرج بخرقة, وإن لم تكن مميزة وكانت لها عادة ردت إلى عادتها, وإن لم تكن لها عادة وكانت مبتدأة فيه قولان:
أحدهما: حيضها في كل شهر يوم وليلة.
والثاني: ست أو سبع.
ونص ههنا أنه حيضها يوم وليلة من أول كل شهر وسوى بين الناسية والمبتدأة في ذلك, وإنما جعل الحيض يومًا وليلة من أول كل شهر؛ لأن الغالب أن الحيض يكون في أول كل شهر.
فإن قيل: ليس من الضرورة أن يوافيها حيضها مع الهلاك, بل ربما يوافيها حيضها في وسط الشهر أو في آخر الشهر, فكيف اعتبر الشافعي الأهلة في هذا الحكم؟ قيل: الأمر على ما ذكرتم ولكننا إذا لم نعرف ههنا أول دورها ولآخر دورها, وعرفنا أن أغلب عادات النساء في كل شهر طهر وحيضة ق 49 ب لم نجد أصلًا نرجع إليه أولى من الأهلة التي جعلها الله تعالى علمًا لمعرفة الحساب في مثل هذا الموضع, ثم قال الشافعي ههنا: "َإِذا أَهَلَّ الهِلاَلُ الرَّابعُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا".
وروى الربيع: "فإذا أهل الهلال الثالث فقد انقضت عدتها" واختلف أصحابنا في هذا, فمنهم من قال: لا فرق بين الروايتين, وصورة المسألة أن يطلقها في بعض المحرم, فنحسب به قرْءًا وصفر قرءًا ثانيًا وربيع الأول قرءًا ثالثًا, فإذا أهل هلال ربيع الآخر فقد انقضت العدة, فعد الشافعي على رواية المزني هلال المحرم في العدة, لأنه محسوب من العدة وهو الأول, ولم يعده في رواية الربيع في العدد ولكن حسبه من العدة؛ لأن الهلال قد سبق الطلاق وإنما حسبنا ما بقي من الشهر بعد إهلال الهلال قرءًا