فلم نعد ذلك الهلال في عدد الأولة فالروايتان هما واحد, ومنهم من قال: معنى رواية المزني إذا طلقها في أول المحرم فحسب ما بقي منه قرءًا, وحسب هلال المحرم في العدد؛ لأنَّا إذا حسبناه قرءًا من أوله يجب أن يحتسب في عدد الأهلة, فإذا أهل هلال ربيع الآخر وهو الرابع من هلال المحرم فقد انقضت العدة. وعنى رواية الربيع أنه طلقها في آخر المحرم, وقد بقي منه يسير فحسب ما بقي قرءًا؛ لأنها طاهرة في الجملة على ما بيَّناه, فإنَّا إذا جعلنا حيضتها في أول كل شهر تكون في آخره طاهرًا ولكنه لم يحتسب هلال المحرم في عدد الأهلة؛ لأن اليسير منه محسوب من العدة والمعظم قبل وقوع الطلاق ووجوب العدة ق 50 أ فلم نعده في عدد الأهلة وحسب من أوله هلال يأتي عليها وهو هلال صفر وهلال ربيع أول, فإذا أهل هلال ربيع الآخر, فقد انقضت عدتها وهو الثالث من هلال صفر.
ومن أصحابنا من قال: معنى ما رواه المزني إذا طلقها في النصف الأخير من الشهر فلا تعتد بما بقي من الشهر من العدة؛ لأنه لا يجوز أن يكون جميع ما بقي حيضًا, فإذا أهل صفر دخلت في العدة, فإذا أهلّ جمادي الأولى وهو الهلال الرابع من هلال صفر, فقد انقضت العدة. ومعنى ما رواه الربيع إذا طلقها في النصف الأول من الشهر حتى يسع ما بقي حيضًا وطهرًا فيحتسب به قرءًا؛ لأنه لا يجوز أن يكون جميع ما بقي من الشهر حيضًا, ولكنه لا يحتسب هلال المحرم في العدد لأنه أهل قبل وقوع الطلاق, وإنما يحسب من هلال صفر, فإذا أهلّ ربيع الآخر فقد انقضت العدة وهو الثالث من هلال صفر.
ومن أصحابنا من قال: صورة المسألة أن يطلقها في النصف الآخر من الشهر وفيه قولان:
أحدهما: لا يحتسب به قرءًا وهو رواية المزني لما ذكرنا أنه يجوز أن يكون كل ما بقي حيضًا.
والثاني: يحتسب قرءًا لأنَّا حكمنا بأنها طاهرة في آخر الشهر فيحتسب به قرءًا, فإذا أهلّ الهلال الثالث بعد الطلاق فقد انقضت العدة في رواية الربيع, وفي رواية المزني, فإذا أهل الهلال الرابع تنقضي العدة.
ومن أصحابنا من قال, وهو اختيار صاحب المنهاج: قوله: "فإذا أهلّ الهلال الرابع" أي انقضى الشهر الثالث فالهلال مضاف إلى الشهر الرابع ق 50 ب كما إذا انقضى شعبان فاستهل الهلال يضاف ذلك الهلال إلى رمضان, وقوله: "فإذا أهل الهلال الثالث" أي انقضى الشهر الثالث ولكنه عبر عن انقضائه استهلال الهلال على نوع من التجوز في العبارة, فرجع الروايتان إلى معنى واحد وهو في المبتدأة والناسية إذا مضى عليهما ثلاثة أشهر بالأهلة حكمنا بانقضاء عدتها, وكذلك إن مضى شهران وأكثر الشهر الأول فحصل خمسة طرق.