وذكر القفال وجهًا آخر أن الناسية إذا لم تعرف متى استمرّ بها الدم بأن أفاقت والدم سائل بها يجعل ذلك الشهر أول شهرها ويحسب كل شهر ثلاثين يومًا, فإذا تم ثلاثون يومًا فقد أهل هلالها ولا تعمل بالأهلة. وفي المبتدأة تحتسب من أول ما رأت الدم المستمر كل ثلاثين يومًا شهرًا فنقضت شهور الأهلة أو كملت وهذا غريب بعيد.
وقال بعض أصحابنا: أحد القولين في الناسية المتحيرة أنها لا تحيض شيئًا, بل تكون كل دهرها مشكوكًا فيه, وتأخذ بالاحتياط في العبارات على ما ذكرنا في "كتاب الحيض" فعلى هذا ينبغي أن تتربص في العدة حتى تصير من الآيات فتعتد حينئذٍ بثلاثة أشهر تغليظًا كما في العبادات, لأنه ما من زمان يأتي عليها إلا ويمكن فيه الحيض والطهر معًا, ولا نعلم قدر ما بين الحيضتين من الطهر فيعتذر الحكم لها بعدة صحيحة. وهذا أيضًا غريب ضعيف.
وقال القفال: في الناسية طريقان:
أحدهما: فيها قولان أنها كالمبتدأة أو لا حيض لها.
والثانية: قول واحد لأنه لا حيض لها إلا في العدة فإنَّا نجعل كل شهر لتنقضي عدتها بثلاثة أشهر ق 51 أ والمنصوص التسوية بين المبتدأ والناسية ههنا وهو الصحيح.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ يَوْمًا وَتَطْهُرُ يَوْمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ جُعِلَتْ عِدَّتُهَا تَنْقَضي بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ".
الفصل
معناه إذا لم يكن لها تمييز ولا عادة فإن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر, وليست هذه من ذوات الشهور وإنما هي من ذوات الأقراء وبها تنقضي عدتها, ولكن الغالب أنه ثلاثة أقراء تنقضي من ثلاثة أشهر, فأمرها بالعقود ثلاثة أشهر ولتحصل لها بمضيها ثلاثة أقراءٍ, وسواء قلنا إنها تلفق أو لا تلفق فالحكم واحد لا يختلف في باب العدة. فأما إذا كانت مميزة أو كانت معتادة فإن حيضها مقدار التمييز أو مقدار العادة إن لم يكن لها تمييز, وما زاد على ذلك طهر وتعتد بثلاثة أطهار على ذلك, سواء كانت في أقل من ثلاثة أشهر أو في أكثر من ثلاثة أشهر.
فإن قيل: إذا جعلتم أيام نقاءئها طهرًا فهلا تنقضي عدتها لستة أشهر؟ قلنا: أجاب الشافعي بأن الله تعالى حكم بأن العدة تنقضي بثلاثة أطهار كوامل وهذه أطهار ناقصة, وفسره أصحابنا بأن هذا طهر واحد تفرق وحيضة واحدة تفرقت؛ لأن لها في شهر واحد خمسة عشر يومًا حيضًا وخمسة عشر طهرًا.