حيث تبقى في العدة إلى أن تبلغ ستين سنة أو سبعين, ثم لا يرغب فيها أحد, وعلى زوجها ضرر أيضًا حيث يلزمه سكناها ونفقتها إن كانت رجعية وفي أقل هذا الضرر أزلنا النكاح في العنة ونحوها, فههنا أولى أن يزول, وقيل: إن الشافعي رجع عن قوله القديم صريحًا, وقال: يحتمل قول عمر أن يكون في المرأة التي قد بلغت السن ق 53 أ التي من بلغها من نسائها آيس من المحيض, وفي رواية أن عمر قال في التي رفعتها حيضها ومعناه ارتفعت حيضها.
وأما فصل الضرر يبطل بما لو ارتفعت حيضتها لعارض مرض, ولأنه قد يغيب زوجها وتقعد فلا تحل إلا بعد طول عمرها, ولا يباح لها النكاح للضرر كذلك ههنا. وإذا قلنا بقوله القديم فإن تعاودها الدم فلا كلام, وإن عاودها بعد انقضاء العدّة وعند النكاح فلا تعود إلى الأقراء ولا يبطل نكاحها؛ لأنه تعلق حق الزوج الثاني بها فلا يبطل بعود الدم, وإن عاودها في العدة أو في حال المكث كانت عادتها الأقراء, وإن عاودها بعد انقضاء العدة قبل النكاح هل تعود إلى النكاح وجهان:
أحدهما: تعود إليها لأنها رأت الدم قبل أن يتعلق بها حق زوج آخر.
الثاني: وهو الصحيح أنها لا تعود؛ لأَّنا حكمنا بانقضاء عدتها فأشبه إذا عاودها بعد النكاح. وهو اختيار القاضي الطبري وجماعة.
وإذا قلنا بقوله الجديد اختلف قول الشافعي فيما تصير به آيسة فقال في موضع: إذا بلغت السن التي من بلغها من نائها آيست من المحيض اعتدن بالأشهر، فجعل الاعتبار في الإياس بنسائها دون سائر الناس, ولا فرق في هذا بين نساء العصبات وغيرهن من عشيرتها, وهذا هو المذهب بخلاف اعتبار مهر المثل؛ لأن النسب في ذاك معتبر بخلاف هذا, ولأن الظاهره أن نساؤنا كنائسهم وطبعها كطبعهم.
وقال في موضع آخر: إنها لا تصير من الأنساب حتى تبلغ السن التي من بلغها من نسائها وغيرهن من نساء زمانها لم تحض يقينًا احتياطًا كما تعتبر عادة نساء العالم ق 53 ب في أقل الحيض وأكثره. قال أبو إسحاق ولعله أصح القولين, وقيل: فيه وجه آخر ذكره صاحب "الإفصاح" تنتظر السن التي من بلغها لا تحيض في غالب النسوان كما اعتبر الشافعي هذا في عادة الحيض.
وقال القفال: مرجع القولين إلى أن المرأة تأخذ في أمر عدتها بالظاهر أو باليقين وفيه قولان, قال بعض أصحابنا بخراسان: يعتبر بنساء بلدها خاصة, وفي وجه يعتبر بنساء عصباتها كمهر المثل, وهو غلط طاهر. وقيل: لم تحض امرأة لخمسين سنة إلا أن تكون عربية ولم تحض لستين إلا أن تكون قرشية, وهذا قول غريب.
وقال صاحب "الحاوي: هذا لا يصح لأني كنت في جامع البصرة فحضرتني