بالوفاة من غير اختيار، ولهذا لزم فيها الإحداد واعتبر في عدة الطلاق الأقراء وههنا الشهور فافترقا.
فإن قيل: أليس لو دخل بها ثم جئت ذكره وأنثياه، ثم طلقت بعد ذلك بعشرين سنة يلزمها العدة والاستبراء ههنا، قيل: المغلب في عدة الطلاق والاستبراء، وإن جاز أن يجب تعبدًا في هذا الموضع فصح ما ذكرناه.
مسألة:
قَالَ: "فَتَحِلُّ إِذَا وَضَعَتْ قَبْلَ أَنْ تَظْهُرَ ق 80 أ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مَفْسُوخٍ".
إذا وضعت الحمل انقضت عدتها في الحال وإن لم تطهر من نفاسها؛ لأن النفاس لا يمكن النكاح كما لا يمنعه الحيض. وقال حماد، والأوزاعي: لا تحل ما لم تطهر من النفاس، كما يعتبر في عدة الأقراء بطهارتها من الحيض عندهما. وهذا غلط لقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق: 4 ولم يعتبر الطهارة من النفاس.
وأما قوله: "مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مَفْسُوخٍ": ولم يرد به أنها تعتد بالشهور عن الوفاة؛ لأن العدة في النكاح الفاسد لا تجب إلا بالدخول، وإذا دخل وحملت كانت العدة بوضع الحمل كما في الصحيح، وهذا لأن عدة الوفاة لحرمة الوصلة ولا حرمة في النكاح الفاسد.
واعلم أن الشافعي لما ذكر الآية في الأول قال: "فَدَلَّتْ سُنَّة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا عَلَى الحُرَّةِ غَيْرِ ذَاتِ الحَمْلِ" ثم ذكر حديث سبيعة، ومعلوم أنه حديث سبيعة لا يدل على أن الآية وردت في الحرة دون الأمة، فكيف ادَّعى الشافعي هذا من خبرها؟ وإزالة هذا الإشكال بأن يقال: ما أراد الشافعي استفادة الحرية من حديث سبيعة، بل استفاد من حديثها حكم الحامل، فأما الحرية فإنها مستفادة عند من ظاهر الآية؛ لأن الشافعي يحمل الخطاب بظاهرة على الحرائر خاصة، وعلى هذا نص في "كتاب اليسر" حيث حمل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} البقرة: 216، على الأحرار دون العبيد. فمعنى قوله ههنا: "فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم" بظاهر القرآن على أنها على الحرة، وتصريح سنته على أنها على الحرة ذات الحمل؛ لأنه قضى في سبيعة الأسلمية بما قضى ق 80 ب.
مسألة:
قَالَ: "وَلَيْسَ لِلْحَامِلِ المُتَوَفي عَنْهَا نَفَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا". لا يختلف المذهب أنه لا نفقة بحالٍ حائلًا كانت أو حاملًا، وسواء قلنا النفقة للحمل أو للحامل؛ لأنَّا إن