جعلناها للحامل فلا سلطان له عليها؛ وإن جعلناها للحمل فلا يلزم الميت نفقة الأقارب.
وروي عن جابر وابن عباس أنهما قالا: "لا نفقة لها حسبها الميراث". قال بعض العلماء: لها النفقة إذا كانت حاملًا، ويروى هذا عن علي وابن عمر، ذكره صاحب "الحاوي". وهذا غلط لما ذكرنا، ولأنها معتدة عن وفاةٍ فلا نفقة لها كالحائل.
قال المزني: "هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي البَابِ الثَّانِي وَهَذَا أَصَحُّ، وَفِي البَابِ الثَّالِثِ مَشْرُوحٌ".
أراد به أن الشافعي لم يثبت لها النفقة في هذا الباب، وروي عن جابر ما ذكرنا وقال: "لأَنَّ مَالِكَهُ قَد انْقَطَعَ بِالمَوْتِ". وقال في الباب الذي بعده: "لَهَا السُّكْنَى".
وهذا يخالف؛ لأن تعليل الشافعي ههنا واحتجاجه بقول جابر يدل على أنه لا سكنى لها، وإن لم يصرح به ههنا؛ لأنه لا سكنى لها. فاختار المزني أنه لا سكنى لها، وفي المسألة قولان.
قال أصحابنا: هذا الذي قاله المزني لا يصح؛ لأن الشافعي قال في هذا الباب: "لا نفقة لها" وهذا لا يختلف مذهبه فيه، وليس في الباب الثاني ما يخالفه، وإنها أثبت في الباب الثاني السكنى على أحد قوليه والسكنى تخالف النفقة فلم يصح ما قاله.
وقوله: "وَهُوَ فِي البَابِ الثَّالِثِ مَشْرُوحٌ" غلط في النقل، وإنما هو "في الباب الثاني مشروح"؛ لأن المزني ذكر في الباب الذي بعد هذا الباب أنه لا سكنى، واختار هذا القول ونصره. وأما ق 81 أ الباب الثالث فهو باب الإحداد وليس منه لوجوب السكنى وسقوطه ذكر، ولأنه أوهم أن في النفقة قولين وليس كذلك بل قولٌ واحدٌ أنه لا نفقة لها. وقول جابر: "حسبها الميراث" لم يذكره الشافعي لإسقاط السكنى، أو نقول: لعل الشافعي نص في هذا الباب على أنه لا سكنى لها، وأجاب في باب آخر على القول الثاني فلا يجب عليه على ما ذكره المزني.
مسألة:
قَالَ: "وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَكَأَنَّهُ مَاتَ نِصْفُ النَّهَارِ وَقَدْ مَضَى مِنَ الهِلَالِ عَشْرُ لَيَالٍ أَحْصَتْ مَا بَقِيَ مِنَ الهِلَالِ".
الفصل:
قد ذكرنا فيما مضى نظير هذه المسألة، وجملته أنه إذا مات في نصف النهار مثلًا