انقضاء الشهور، فتحتاج أن تنتقل إلى العدة بالأقراء فتصير المدة مجهولة، وليس هذا التفصيل لغير. ويلزمه على هذا أن يقول: إذا طلقها طلقةً وهي صغيرة لا يحيض مثلها أو آيسة لا يجوز بيع الدار قولًا واحدًا؛ لأنَّا لا نأمن من أن يموت زوجها فتحتاج أن تنتقل إلى عدة الوفاة فتزيد المدة. هذا كله إذا طلقها قبل أن يحجر الحاكم عليه.
فأما إذا حجر الحاكم عليه ثم طلقها، فإن حقوق الغرماء قد تعلقت بعين ماله، فإذا طلقها تعلق حق سكناها بالدار فيباع ماله مع الدار، ثم يسقط ما يحصل من ثمنه على قدر ديونهم، وقدر أجرة السكنى والتي يستحقها ويكتري لها به في أقرب المواضع إليه موضعًا يسكنه حتى تنقضي عدتها. فإن نقص عن حقها كان ما بقي في ذمته تتبعه إذا أيسر. ق 89 ب فإذا قيل: إذا تعلقت حقوق الغرماء بماله ثم استدان لم يشاركهم الغريم الثاني، فذلك أن لا تشاركهم المرأة. قلنا: لأن حقهم أسبق قبل الدين ثبت للثاني بمعنى بعد الحجر فلم يشاركهم فيه، وليس كذلك المعتدة، فأنها استحقته بمعنى سبق الحجر وهو النكاح فافترقا. وأيضًا المجني عليه يشارك الغرماء وإن كان متأخرًا؛ لأنه ثبت حقه بغير رضاه، فكذلك حق السكنى ثبت بالطلاق من غير رضاها فوجب أن تشاركهم.
فإن قيل: السكنى تجب يومًا فيومًا فكيف ضربتم لها بأجرة جميعها؟ قيل: لأنَّا نقول: بل السكنى كلها واجبة بالطلاق بخلاف السكنى في النكاح في أصل القولين؛ لأنه يقدر على إسقاط السكنى بالطلاق ولا يقدر على إسقاط هذه السكنى بحالٍ.
فرع:
قال القاضي الطبري: قال أبو إسحاق في شرح نص الشافعي: على أن قسمة الدار التي فيها السكنى لا تجوز كما لا يجوز البيع. وصورته في امرأة وجب لها السكنى ثم مات الزوج وخلف ابنتين فالدار لهما والسكنى لها حتى تنقضي العدة، فأراد قسمة الدار قبل انقضاء العدة، وهذا إذا قلنا القسمة بيع، فأما إذا قلنا القسمة إفراز النصيبين هل تصح القسمة؟ وجهان:
أحدهما: لا تصح كما لا تصح قسمة الدار المؤاجرة.
والثاني: تصح لأن المرأة لا ضرر عليها في قسمة الدار، فإنها إذا تلفت بعد القسمة طالبت بدينها سائر الورثة كما يكون لها قبل القسمة. وليس كذلك الدار المؤاجرة، فإنها إذا قسمت ثم انهدمت لم يكن للمستأجر أن يطالب كل واحدٍ منهما إلا بحصته، وربما انهدم نصيب أحدهما وكان مفلسًا، فيؤدي إلى الإضرار به، فلهذا لم تصح قسمة الدر المؤاجرة على القولين معًا. واختار أبو إسحاق ق 90 أ أنه لا يجوز قسمتها على القولين، وعلل بأنها قد استحقت السكنى فيها على صفة فلا يمكن تغيرها، كما لو آجر دارًا من رجلين ثم أراد قسمتها لم يجز، ولكن لو أراد القسمة من غير تمييز بحاجزٍ جاز؛ لأنه لا ضرر عليها بذلك.
واعلم أن في سواد المختصر إشكالًا، وذلك أنه قال: "وَإِنْ كَانَ عَلَى زَوْجِهَا دَيْنٌ