وإنما قوله: "إِلَّا أَنْ يُفْلِسَ فَيَضْرِبَ مَعَ الغُرَمَاءِ بَأَقَلِّ قِيمَةِ سُكْنَاهَا": قال أصحابنا: معناه أن عدتها إن كانت بالأقراء وكانت لها عادة في الحيض والطهر حملت على عادتها، وضربت مع الغرماء بأجرة السكنى في زمان عادتها على مقدار ما تقتضيه عادتها، وإن لم تكن لها عادة ضربت بأقل ما يكون من الحيض والطهر، وهو أن يُحسب الحيض يومًا واحدًا والطهر خمسة عشر يومًا، فيكون اثنان وثلاثون يومًا وساعة، وإن كانت عادتها بالحمل فإن كانت عادتها في الولادة حملت على عادتها. ق 91 أ وإن لم يكن لها عادة في الولادة حملت على الأقل، وذلك ستة أشهر. وإن كانت عادتها بالأشهر فهي معلومة ضربت أجرة ثلاثة أشهر لا تنقص منها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا لم يكن لها عادة في الولادة حملت على الغالب وهو تسعة أشهر، وهو اختيار صاحب "الحاوي". قال: وكذلك في الأقراء تضارب في الغالب من مدة الأقراء وهي ثلاثة أشهر لا بأقل ما يكون. والدليل على صحة هذا أنها لو كانت معتادة حملت على عادتها مع جواز النقصان، ولم تحمل على اليقين في الأقل، ففي غير المعتادة تحمل على الغالب من عادة غيرها ولا تحمل على اليقين في النقصان.
قال أصحابنا: فإذا ضربت بذلك ثم نقصت عدتها عما أخذته ردت الفضل وقسم بينهم على قدر حقوقهم. وإن زادت ذلك قال القاضي الطبري: نص الشافعي أنها تتبعه بالزيادة، وإذا أيسر بخلاف الغريم إذا أحدث؛ لأنها ضربت بهذا القدر مع العلم بجواز الزيادة عليه فيخالف الغريم الذي لم يعلم به. وأيضًا حق الغريم لم يتحدد بعد القسمة والزيادة ههنا تحددت بعد القسمة فلم يشارك الغرماء المتقدمين.
ومن أصحابنا من خرَّج فيه وجهًا آخر أنها تدخل على الغرماء فتأخذ من كل منهم بحصته كما ظهر غريم آخر. وهذا أقيس؛ لأنَّا نبين استحقاقها في الأول حين طالت العدة فصار كظهور الدين.
ومن أصحابنا من ذكر وجهًا ثالثًا وهو إن كانت الزيادة في الحمل رجعت بها على الغرماء، وإن كانت في مدة الأقراء لم ترجع بها عليهم؛ لأن وضع الحمل مشاهد يمكن أن تقوم به بينة، وهذه الأقراء مضنونة لا تقوم بها بينة، ويرجع إلى قولها في حق الزوج دون غيره ق 81 ب وهذا ضعيف.
ومن أصحابنا من حكي عن أبي إسحاق أنه قال: لا حق لها أصلًا في الزيادة؛ لأنَّا دفعنا إليه ذلك القدر مع علمنا قد يستحق زيادة عليه. وهذا لا يصح عنه، والصحيح أنه اختار ما نص الشافعي عليه.
وأما قول الشافعي: "تَضْرَبُ مَعَ الغُرَمَاءِ بَأَقَلِّ قِيمَةِ سُكْنَاهَا": أراد بذكر الأقل اختلاف أجرة المساكن لا مدة العدة، وذلك أنها لا تجد مسكنًا واسعًا كل شهر بدينارٍ في