ثم قالت عند ذلك أم سلمه دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمه وقد جعلت علتي صبرًا فقال: ((ما هذا يا أم سلمه))؟ فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب، قال: ((إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار، (ق 110 أ) ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب)) قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: ((بالسدر تغلفين به رأسك)) وكحل الجلا هو الإثمد، وسمي جلاء لأنه يجلو البصر.
وقوله: يشب الوجه أي يوقد اللون، وأصله عن فعلك شببت النار إذا أوقدتها.
وروي عن زينب بنت أبي سلمه أنها قالت: دخلت على أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فيه صفرةً خلوقٍ أو غيره ومست بعارضيها، ثم قالت; والله مالي إلى الطيب من حاجةً غير أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: ((لا تحل لامرأةً تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعةً أشهر وعشرًا، قالت زينب: ودخلت على زينب بنت جحش حين توفى أخوها فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت؛ والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر))
... الخبر.
وأما قوله: ((تسلبي ثلاثًا)) قيل: أراد به لبس الود وهي تسمى السلاب ومنه قول الشاعر:
يخمشن حر أوجه صحاح في السلب السود وفي الأمساح
والأمساح: جمع مسح. وأما المعتدةً المطلقةً عن طلاق رجعى فلا يلزمها الإحداد قولًا واحدًا، وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: ((أستحب لها الإحداد وهذا النظير أسفها عليه فيرغب في مراجعتها. وقيل: فيه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: لا يستحب ذلك بل يندب إلى التصنع له بالزينةً ليميل إليها فيرغب في مراجعتها.
وأما المطلقة البائن هل يلزمها الإحداد؟ فيه قولان:
أحدهما: قاله في القديم يلزمها، وبه قال أبو حنيفةً، وأحمد (ق 105 ب) في روايةً