وروي ذلك عن سعيد بن المسيب؛ لأن هذه بائن معتدةً عن نكاح فيلزمها الإحداد كالمتوفى عنها.
والثاني: قاله في الجديد: لا يلزمها الإحداد، وبه قال ربيعةً، ومالك، وعطاء.
وهو الرواية الثانيةً عن أحمد ويستحب لها؛ لأن الشافعي قال: "أسحب لها ذلك ولا يتبين أن أوجبه عليها 0 وهذا لأنها معتدةً عن طلاق فأشبهت الرجعيةً، وتفارق المتوفى عنها؛ لأن عدتها. عدة الحرمة والتفجيع، وعدةً الطلاق عدةً الغبط وقلما تكون إلا ذات حقد عليه فافترقا.
ثم إن المزني اختار إلحاق البائنةً بالمتوفى عنها، واعترض على كلام الشافعي لأنهما قد يختلفان في حال، وإن اجتمعا في حال ووجه اختلافهما ما ذكرنا فقال: كل بائن على أصل فهو يشبه له من وجه وإن خالف غيره، ولو لم يلزم القياس إلا باجتماع الوجوه بطل القياس.
والجواب أن الفرع والأصل كما قلت يجتمعان من وجه ويفترقان من وجه، ولكن إذا كان افتراقهما راجعًا إلى معنى مختص وجب الفرق بينهما في الحكم والمعنى المختص في إحداد عدةً الوفاةً ما ذكرنا من إظهار المفجع على الزوج الميت، وهذا المعنى مفقود في عدة الطلاق، أو يقول: هذا الذي ذكره ينقلب عليه وذلك أنه لو كان يكفي في القياس شبه ما بطل القياس قط. آو نقول: هذا قياس شبه وليس بقياس عليه، وقياس الشبه إذا كان مترددًا بين أصلين يشبه كل واحد منهما لم يقس على أحدهما إلا أن يغلب شبهة به، وهذه المطلقةً بالرجعيةً أشبه.
مسألة:
قال: "ولا تجتنب المعتدةً في النكاح الفاسد وأم الولد ما تجتنب المعتدةً ويسكن حيث شئن"
لا يجب الإحداد على المحتدةً من نكاح فاسد؛ لأن الإحداد إظهار الحزن على الزوج وعلى ما فاتها من عصمة (ق 106 أ) النكاح، وهذه يس لها زوج ولا عصمة نكاح، فكذلك لا يلزم أم الولد؛ لأنه لا يجب عليها عدةً الوفاةً، وإنما يجب عليها الاستبراء والإحداد من حقوق النكاح فلا يجب في الاستبراء.
وأما مفسوخةً النكاح لا إحداد عليها؛ لأن فسخ النكاح رفع العقد من أصله، ألا ترى أن الزوج لو كان وطئها قبل الفسخ لزمه مهر مثلها، ولأنها لو فسخت بمعنى فيه فهي المختارة للفسخ، فلم يشبه الإحداد حالها، وإن كان هو المختار بسبب بها فإن الفسخ مضاف إليها حتى كأنها هي المختارةً للفسخ، وكذلك الموطوءة بالشبهةً لا إحداد عليها