والثاني: يحرم، لأن الغالب أنه فيه جزءًا منه، وهو اختيار القاضي الطبري والصيمري لأن الكل إذا شرب حرم بلا خلاف بين أصحابنا ونحن لا نتيقن وصول اللبن في كل شربة وإنما يرجع فيه إلى الظاهر، فإذا حكمنا بوصول اللبن في كل شربة لأن الظاهر أنه جزء منه حصل فيها فكذلك البعض ولا فرق بينهما.
وقال صاحب الحاوي: الصحيح أنه لا يحرم، لأن التحريم لا يثبت بالشك، وإنما يحرم إذا علم اختلاط اللبن تجميعه كأوقية من لبن مزجت بأوقيتين من ماء، ثم شرب بعضها خمس مرات، وهذا أصح عندي.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو وقع قليل اللبن في قلتين من الماء فشرب الكل هل يثبت الحرمة وجهان:
أحدهما: ثبتت لأنا تيقنا أن اللبن فيه.
والثاني: لا تثبت لأنه صار مستهلكًا فيه كما تستهلك النجاسة وهذا ليس بشيء.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ جَبُنَ اللَّبَنُ فَأَطْعَمَهُ كَانَ كَالرَّضَاع".
إذا طبخ اللبن أو غلاه ق 153 ب أو اتخذ منه الجبن أو المصل، ثم أطعمه، فتقع به الحرمة وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: لا تقع الحرمة إلا باللبن الخالص وربما يسلمون اللبن المغلي الخالص، وإنما قلنا ذلك لأنه وصل عين المص إلى جوفه فلا فرق بين أن يكون مائعًا أو جامدًا.
مسألة:
قَالَ: "وَلَا يُحْرَمُ لَبَنُ البَهِيمَةُ إِنَّمَا يُحْرَمُ لَبَنُ الآدَمِيَّاتِ".
إذا ارتضع صبي وصبية من شاة أو بقرة خمس مرات لا يثبت بينهما حرمة الرضاع ولا يصيران أخوين ويحل للصبي أن يتوزج بالصبية، وقال عطاء: يصيران أخوين ولا يحل النكاح بينهما.
ويحكى هذا عن مالك ولا يصح عنه، وهذا غلط لأن حرمة الأخوة فرع لحرمة الأمومة فكيف تثبت حرمة غيرها.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا رَضْعَةٌ خَامِسَةٌ، ثُمَّ مَاتَتْ فَأَوْجَرَهُ صَبِيٌّ كَانَ ابْنَهَا".
الصبي إذا ارتضع من امرأة أربع رضعات، ثم حلبت لبنًا في إناءٍ وماتت ثم شربه