الصبي بعد موتها ثبتت الحرمة وهكذا لو حلب خمس دفعات في خمس أوانٍ وماتت ثم تناوله الصبي بعد موتها من خمس مرات ثبتت الحرمة أيضًا لأنه لبن انفصل منها وهو حلال في حال حياتها واتصل بجوف الصبي في حال حياته فلا يؤثر موتها فيه.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ رَضَعَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يَحْرُمْ".
إذا ماتت المرأة سقطت حرمة لبنها، فإن ارتضع صبي منه لم يحرم وعلل الشافعي فقال: "لَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَبَنُ المَيِّتَةِ".
وتحريره أنه لبن حرام قبل انفصاله فلم تثبت به الحرمة كاللبن الذي ينفصل من الرجل لما كان محرمًا قبل انفصاله لم تثبت الحرمة ولأن حرمته صعقت بموت الأصل وذهاب حرمتها ألا ترى أن حرمة أعضائها سقطت حتى لا يجب الضمان ق 154 أ بقطع أعضائها وأيضًا لو اتصل اللبن بجوف الصبي بعد موته لم يتعلق به الحرمة فكذلك إذا انفصل منها بعد موتها ثم اتصل بالصبي لم يتعلق به الحرمة.
وقال أبو حنيفة، ومال، والأوزاعي، وأحمد: لبن الميتة يثبت الحرمة لأن اللبن لا يحله الموت.
وحكي عن الكرابيسي من أصحابنا أنه قال: تثبت الحرمة بلبن الرجل كما تثبت بلبن المرأة وهذا خطأ؛ لأن لبنه لم يجعل غذاء المولود فلا يثبت التحريم كلبن البهيمة وقد قال الشافعي في "البويطي": ولا أرى ينزل من الرجل لبن، فإن نزل وارتض عبه صبية كرهت له أن يتزوج بها، فإن تزوج بها لم أفسخ النكاح.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ حُلِبَ مِنْ امْرَأَةٍ لَبَنٌ كَثِيرٌ، فَفُرِّقَ ثُمَّ أَوجِرَ مِنْهُ صَبِيٌّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَكُنْ إِلَّا رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَاللَّبَنِ يَحْدُثُ فِي الثَّدْيِ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُ شِيْءٌ حَدَثَ غَيْرُهُ".
في هذا الفصل أربع مسائل:
إحداها: أن المرأة حلبت اللبن خمس دفعات متفرقات في خمس أواني وسقي الصبي خمس دفعات ثبتت الحرمة؛ لأن الوجود كالرضاع في التحريم.
والثانية: أن يحلب المرأة لبنًا كبيرًا دفعة واحدة، ثم فرقت في خمس أواني ثم أوجر الصبي في خمس دفعات نقل الربيع والمزني أنها رضعة واحدة، ثم قال الربيع: وفيه قول آخر إنها خمس رضعات، قال أبو إسحاق: لا يعرف هذا للشافعي غير أن الربيع ثقة لا ينقل إلا ما سمعه منه فالمسألة على قولين: