إلا بشهادة رجلين؛ لأن الإقرار غير نفس الرضاع.
مسألة:
قال: «ويجوز في ذلك شهادة التي أرضعت».
الفصل:
إذا شهدت المرضعة لا يخلو من أحد أمرين، إما أن تدعي أجرة الرضاع أو لا تدعيها، فإن أجرة الرضاع لم يقبل شهادتها لأنها متهمة في شهادتها، وإن لم تدع أجرة الرضاع قبلت شهادتها؛ لأنها لا تجلب بها منفعة ولا تدفع مضرة فقبلت شهادتها.
وقال في «الحاوي»: إذا دعت الأجرة ولم تقبل شهادتها في الأجرة هل تقبل في ثبوت التحريم؟ وجهان:
أحدهما: لا تقبل، وهو اختيار ابن أبي هريرة.
والثاني: يقبل، وهو اختيار أبي إسحاق، وهذا يخرج من تبعيض الشهادة وفيه قولان: فإن قيل: أليس تصير محرماً له ويستبيح الخلوة بها والمسافرة منفعته قيل: هذا ليس من الأمور المقصودة التي ترد بها الشهادة الأ ترى أن رجلين لو شهدا أن فلاناً أعتق أمته قبلت، وإن كان يحل لخ نكاحها بالحرية وكذلك إذا شهدا بالطلاق يقبل، وإن كان يحل له المطلقة بالنكاح، فإن قيل: أليس لو شهدت امرأة بأن هذا المولود ولده وأنها ولدته لم تقبل شهادتها، فلذلك إذا شهدت بأن هذا المولود ولده أرضعته بلبنها وجب أن لا تقبل شهادتها. قلنا الوالدة متهمة فإنها يثبت بشهادتها حق الميراث والنفقات، وإسقاط القود وما أشبهه، فإن ذلك ق 173 أ كان معلق بنسب وليس كذلك بالرضاع فإنه لا يتعلق به من قبل الأحكام شيء فلم تكن متهمة في شهادتها فقبلناها، فإن قيل هذه تشهد أن نفس نسبها فوجب أن ترد شهادتها كالحاكم إذا شهد بما حكم لفلان على فلان بكذا أو كذا، وكالقاسم إذا شهد أنه قسم بين فلان وفلان كذا وكذا لا تقبل، قلنا: الفرق من وجهين:
أحدهما: أن المرضعة لا تشهد على مجرد فعلها وإنما تشهد على إرضاع الصبي سواء وجد من جهتها صنع أو لا ألا ترى أنها لو كانت نائمة فارتضع الصبي منها أو مجنونة فارتضع منها تحرم عليها، وصار ابناً لها وليس كذلك الحاكم والقاسم فإنهما يشهدان على مجرد فعلها فلم تقبل شهادتهما.
والثاني: أن شهادة الحم، والقاسم تضمن تزكيتهما وتعديلهما فإن الحكم والقسمة لا يصحان إلا من عدل أمين فلم تقبل شهادتهما به وليس كذلك شهادة المرضعة فإنها لا تتضمن تعديلها وتزكيتها؛ لأن الرضاع يصح من الفاسقة وغيرها فافترقا. ثم قال المزني: كيف تجوز شهادتها على فعلها ولا يجوز شهادة أمها، وأراد به أنه إذا جازت شهادة